كان أعز شعار - من بين شعارات الثورة في كل محافظة يمنية أيام /أوج الثورة/ ومسيراتها المليونية- "الشعب يريد" بمعنى أن كل أصحاب مدينة أو محافظة كان يرفع الشعار نفسه؛ فلم يُسمع في محافظة من المحافظات أنها اختزلت هذا الشعار لذاتها أو باسمها؛ فثوار مدينة تعز -مثلا- لم يسمع منهم شعار "تعز تريد إسقاط النظام" ولم يسمع هذا الشعار أيضا في بقية المحافظات اليمنية؛ فكل محافظات اليمن كانت تتغنى بشعار {الشعب.. الشعب.. الشعب يريد} ولا مزيد. لقد توحد جميع اليمنيين وفي الوقت نفسه تواجدوا في الساحات تحت سقف واحد هو سقف الشعب كله، حتى استعصى على كل أحد يحاول أن يضله، ولما تماهت أو تبخرت حدود المحافظات تحت ظل ذلك الشعار الوارف وسيفه الحامي؛ كان من باب أولى أن تذوب جميع النزعات الضيقة (الحزبية والقبلية والفئوية.. الخ) وهو ما كان بالفعل؛ حيث ذابت كل الفوارق والحواجز واجتمع الثوار في الساحات وفي كل المحافظات تحت سقف شعار العزة والقوة والمنعة "الشعب يريد" وهذا التوحد والتواجد والتدافع والتعاضد هو من جعل العالم كله /شرقه وغربه/ يذعن لإرادة اليمنيين ويسلم بالأمر الذي رآه الخارج والداخل أمر واقع ليس له دافع.
لكن بعد وهج الثورة ورعب شعارها - الذي وطئ قلوب المتآمرين الداخليين والخارجيين- تبخرت أدخنة غريبة تمثلت في نزعات متعددة منها ما هو حزبي ومنها ما هو مناطقي، و...منها ما هو فئوي ومنها ما هو /طائفي وانفصالي/ لقد رأيت -ولم أزعم- أن هذه الأدخنة أثرت بشكل واضح وكبير وخطير على /سطح الثورة الواقي ولآمن؛ حيث أحدثت فيه تلك الأدخنة النتنة ثقوبا استطاعت المؤامرات الخارجية – التي تبدو للغالبية بأنها حامية المبادرة والحوار- أن تنفذ من خلال تلك الثقوب في ذلك السطح الواقي؛ ولست مشبها لأدخنة النزعات الضيقة التي تسببت بتمرير المؤامرات إلا بأدخنة الميثان وثاني أكسيد الكربون التي تسببت هي الأخرى في تمرير أشعة الشمس الضارة بعد أن حصلت صدوع في سقف الأوزون الواقي للأرض؛ فما يحصل في حقيقة الكون الجغرافية؛ ينخلع بشكل أو بآخر على حقيقة الكون الاجتماعية؛ فأشعة الشمس الضارة لا يمكنها بل يستحيل عليها أن تخترق طبقة الأوزون وتصل إلى الأرض إذا ما حافظنا على سقف الأوزون.
لكن طبيعة البشر /ذات النزعة الأنانية/ التي تُغشِّي بصائرها الأطماع؛ هي وراء تلك الأدخنة المتصاعدة جراء الكسب الطمع من وراء الصناعات البترولية والكيماوية؛ فهذه الأدخنة سببت خروفا في السقف الواقي للأرض مثلها مثل أدخنة النزاعات العاطفية الذاتية الشديدة الضيق الذي تسببت هي الأخرى في حصول تصدعات في سقف الثورة أي سقف "الشعب يريد" ولعل المبادرة وعن طريق المحاصصة -الأشبه بالمناقصة- هي أول من أشعل فتنة النزعات الذاتية متعددة الأشكال والألوان وبدأ دخانها يخطف الأنظار والأبصار؛ حيث هو الذي كان يعلو ويتصاعد يوما عن يوم فغطى كبد الحقيقة فلم يعد يراها الشعب بوضوح؛ وفي الوقت نفسه تسببت في حصول تلك الثقوب التي صارت مجالاً خصباً لتمرير المؤامرات /الضالة والضارة/.
والجميع يعلم أنه في حالة عدم تضرر السقف الحامي للشعب وبقاءه على صلابته وسماكته؛ يستحيل على /حامي المبادرة/ (المجتمع الدولي والإقليمي) أن يمرر ذلك الوباء في حال استمرار شعار الإباء؛ لكن لما خرقنا سقفنا بأيدينا وانجرفنا وراء عواطفنا وحيّدنا عقولنا؛ صم بعضنا الغباء أو ألبسه له الأعداء فم ننتبه لخطورة /المناورة/ التي كانت خافية في باطن المبادرة؛ بمعنى أن /الراعي/ للمبادرة والحوار في حالة سماكة الجدار الواقي للثورة يستحيل عليه أن يمرر من خلاله ما يضر بيمننا وإيماننا وحكمتنا؛ فلا يملك حين تلك السماكة وقوة المقاومة إلا أن يظل حملاً هادئاً وأليفاً؛ لكن عندما تحن له الفرصة وعندما نخرق جدار سقفنا الحامي والعالي بتلك الخلافات والنزاعات الضيقة الأفق إنما نوفر له ذلك المناخ؛ فسرعان ما يتحول من حمل وديع إلى ذئب ضار؛ ألا ترى معي أن مثله مثل تلك الشمس - مع احتفاظي والقراء ببون الفارق بين المشبه به والمشبه- فالشمس كلها منافع لكنها في ساعة من نهار -وبسبب أيدينا- تتحول من شمس مدفئة وممطرة ومنبتة ومثمرة من [حمل وديع] إلى شمس ضارية حارقة مدمرة؛ مثلها مثل ذلك الذئب (المجتمع الدولي) وإلا ما هي خلاصة ظاهرة الاحتباس الحراري إلا اختراق أشعة الشمس الضارة طبقة الأوزون بعد أن أحدث فيها الأرضيون - بأطماعهم التي لا تشبع- ثقوبا لتعبر تلك الأشعة الضارة بسلام فتدمر كل سلام وأمان في الأرض فتهلك النسل ولا تستثني الحرث. وهكذا عندما يصدع جدار الثورة ويهون يهون بالقدر نفسه اليمنيون على حامي الحوار فيمرر من خلاله كل ما هو ضار فلا تجد البعض من في الحوار إلا عجلاً جسداً له خوار؛ وبعدها لا سمح الله قد نجد ذلك الاحتباس الثوري يفعل فعل ظاهرة الاحتباس الحراري لكننا ما زلنا نأمل بحكمة اليمنيين وقبل ذلك وبعده لطف الباري.