من يعتقد أنه يملك كل الحقيقة, فهو غير منصف ولا ينبغي أن نراهن عليه في عمليات التحول الجارية في المشهد اليمني ولهذا يمكننا أن نصنف الكثير من المزايدين تحت بند أصحاب الخطط والبرامج غير الواقعية حتى يراجع هذا البعض محتوى أطروحاتهم سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو غير ذلك ونقد الذات من أنجع الوسائل في تقويم وإصلاح النفس البشرية وعلينا ومن تلك الزاوية مراجعة أدبيات الخيمة التي انطلقت منها ثورة التغيير ومنها كانت الخطوة الأولى لبناء الوطن وإعادة رسم المشهد بما يتوافق و يتواءم مع مقتضيات المرحلة وبعيداً عن دعوات القطيعة والاختلاف من أجل الخلاف لا من أجل التميز والإبداع والتنافس بهدف النهوض والانطلاق صوب المستقبل, بالأمس فقط كنت أظن أن الوقت قد حان للبدء في ترجمة أهداف الثورة الشبابية السلمية كواقع نعتز ونعتد به, لكن ما حدث لاحقاً حسب اعتقادي هو إعادة إنتاج ذات البؤس والتعب وان كان بصورة مختلفة ومتغيرة عن ذي قبل, لكن في المحصلة النهائية يظل المتابع القريب من الأحداث يلمس حركة التغيير البطيئة وذلك الخواء وبلا عناء لأن ما نعتقد أنه كان يمكن القيام به وفعله لإضافة نقله نوعية في البناء المؤسسي للدولة وتطمين الناس وإعادة الثقة بالقرار الوطني تم وأده و في المهد وبقصد أو بدون قصد تم تجاهل عدة محددات ونقاط سبق أن اتفق عليها سلفاً, بل اعتبرت كثابت لا يمكن القفز عليه أو تجاوزه لما للماضي المؤلم من هفوات وكبوات كانت سبباً رئيسياً لتتابع الانتكاسات التي حلت باليمن أرضاً وإنساناً.
و أزعم أننا سنحتاج لسنوات طويلة كي نلحق بالركب الإقليمي والعالمي وفي مجالات تنموية عديدة اذا ما استمر الحال في إدارة الدولة وبهذه الكيفية الانتهازية التي يحاول البعض صبغها على مسار ومسيرة المرحلة التي تعد الأهم والأخطر على المشهد اليمني وسوف تؤسس لدولة مدنية حقيقية أو سيكون على أيدى هؤلاء نسف كل شيء, خاصة ونحن نتابع كيف تتدحرج كرة النار وباتجاهات عدة خطيرة وماحقة أن جاز لي التعبير وقد تلتهم كل شيء أمامها وبلا هوادة وفي غفلة من القوم..
حقيقة لا نريد أن نستغرق في التفكير بما ال إليه الوضع فيما يتعلق بالسباق المحموم على الكراسي والوظيفة العامة ومحاولة السيطرة وبانتهازية صرفه على تركة الفساد وفرض أمر واقع على الوطن والمواطن وفي الاتجاه المقابل لا وجود لدولة على الأرض لا أمن لا استقرار لا يوجد حتى مؤشر واحد يؤكد لنا أن هناك تغييراً حقيقياً قد بدأ للعيان.. اختطافات.. تخريب لأبراج الكهرباء. نسف لأنابيب النفط والغاز.. اغتيالات نشر للفوضى تجاوزات للقانون تفوق الوصف ولا من يحرك ساكناً والمصيبة الأعظم الاتفاقيات التي يتم توقيعها وتمريرها في هذا التوقيت الصعب سواء اتفاقيات استكشاف النفط والغاز أو شراء معدات أو أثاث أو ما شابه ذلك باسم الدولة ولا يعود ذلك للدولة بل للأفراد..
وفوق هذا وذاك الأطماع لدى البعض تتعاظم والنفس البشرية تبحث عن المزيد وعلى الدوام ولا يوجد ملائكة يمشون على الأرض كلنا بشر والجميع يسعون لتأمين المستقبل والكل ينشد حياة كريمة وعلى حساب الوطن.
وختاماً و بصدق دعونا نسأل أنفسنا سؤالاً واحداً وبصراحة, ألم يكن أحد أسباب تهاوى وسقوط النظام السابق على سبيل المثال التساهل مع الفساد وأهله ومحاباة الأقرباء والموالين ومنح المال العام والحق العام والوظيفة العامة لمن لا يستحق وليس أهلاً للثقة ولا يمتلك من المؤهلات والخبرات العملية ما يؤهله لتولى هذا المنصب أو ذاك؟, ثم أننا لن نكن منصفين إن لم نراقب ونقول كلمة الحق حتى في حال انشغل الثوار بما أسلفنا أو بما لا يسمن ولا يغني من جوع, كما أن المرحلة جد خطيرة وتستدعى منا جميعاً الحذر وكشف كل ما قد يؤدي إلى ضياع ثروتنا وتكبيلنا باتفاقيات وعقود مجحفة مع أطراف دولية يصعب التنصل منها لاحقاً وكما حدث في اتفاقيات بيع الغاز اليمني وبثمن بخس!
Abast66@hotmail.com