إن النقد الذاتي ومعرفة الذات صفة أساسية للنفس اللوامة، بل هو استجابة لأمر الله القائل:" وفي أنفسكم أفلا تبصرون".. إن الفرد الذي تعود على ممارسة النقد بوعي وبصدر رحب، وتعود على قبول النقد من الآخرين، هذا الفرد يصبح متمتعاً بالروح المرنة والمتواضعة والمتسامحة، ويصبح عقله الباطن والواعي يميل إلى المغفرة والتسامح مع الآخرين، والتماس العذر لهم، وتبرير تصرفاتهم بموضوعية، وقبولهم كما هم، لاكما يفترض هو في تصوره ومخيلته، ويحبهم مع ممارسة النقد لأفعالهم لعلمه أنه من اختلاف التنوع معهم.. إن النقد الذاتي يولد هذه المعاني الربانية الإسلامية الراقية وبالنقد وقبوله من الآخر يكتشف الإنسان جوهره العظيم، فيتخلص من مشاعر الرثاء والشفقة الذاتية واحتقارها، فيصبح الإنسان عظيماً باكتشافه هذه القيم المخبأة داخل كل واحد منا، والآثار المباشرة لعقلية من هذا النوع هي: الإيمان بالمشتركات وبالاختلاف وبالتعددية، فيرى الإنسان الآخر في صورة إيجابية جديدة..

 وهنا يكون الفرد المتعود على النقد, شديد الحذر من كشف عورات الآخرين والتحدث عن أخطائهم، لأن أسلوب الإدانة للآخرين دائماً يؤدي الى ردود الأفعال المضادة معه "الإدانة المضادة" والعكس بالعكس, فإن احترام الآخر سيحمل احترام الذات، والمحافظة على الآخر، وهي المحافظة على الذات، ولهذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، وأما عقلية الاستعلاء والكبر وسوء الظن والتفكير التآمري والاغتيال المعنوي للآخر يولد الأحقاد والكراهية..

 إن آدم دخل مرحلة جديدة بعد تجربة السقوط المريرة بسماعه لإبليس وعصيانه لله، وكانت المراجعة والتوبة تمثل مرحلة النضج من خلال قول آدم في الآية:{رب إني ظلمت نفسي}"القصص16" هذه الصفة أهلته بل و توجت رأسه بإكليل خلافة الله في الأرض وهي الصفة المطلوبة منا جميعاً لنتأهل لقيادة المرحلة الانتقالية التغيرية.