غالباً ما تلجأ الزعامات إلى الاستخفاف بعقول شعوبهم تارة وبإرهابهم تارة أخرى؛ حيث كان كل زعيم عربي يستخدم إمكانياته الخاصة ضد شعبه؛ بدلاً من أن يسخرها لصالح ذلك الشعب المطحون والذي كان يمثل له ريب المنون, فكان يتصنع الخطابات استخفافاً ويلوح بالقبضة الأمنية تخويفاً, لكن ذلك لم يعد مجدياً بعد ثورات الربيع العربي؛ حيث انقلب السحر على الساحر.. بمعنى أن أضعف إيمان التغيير الذي أحدثته ثورات الربيع هو تحول فوبيا الخوف من مكنونات الشعوب إلى بهارج الزعامات أو الطغاة, فسريعاً ما انكشف بهرجهم وخارت قواهم الوهمية، تجاه صيحات الشعوب السلمية، أضف إلى ذلك انفضاح عمالتهم للخارج الدولي والإقليمي.
وبناء على ما سبق فإن الموازين في العلاقات بين الشعوب والطغاة انقلبت رأساً على عقب؛ فمن كان مستخفا بالأمس وفي الوقت نفسه مستبداً؛ صار حملاً أليفاً أو ذليلاً.. بيد أن هناك من الزعامات من يصر على أن يحقر نفسه كل يوم وذلك عندما يلجأ إلى استعمال الأسطوانات المشروخة محاولا من جديد استعمال وسائل التعمية في زمن صار فيه بصر الشعب حديدا.
وبناء على ما أحدثته من تغيير ثورات الربيع فإنه لم يعد مسمعا خوار العجل أو (التبيع) بمعنى أن ما يكرره أسطورة إسرائيل حسن نصر اللات, من تلكم الخطابات, هو نوع من الهراء ونوع من الانحطاط القيمي والأخلاقي؛ بسبب أنه ما زال يعزف على ألحان المقاومة والممانعة وأيضاً على نكبة فلسطين؛ فهذه الأخيرة بالذات أكثر من استفاد من اللحن على قيثارتها هي إيران؛ لحن استغلت فيه عاطفة العالم الإسلامي وكانت الغاية منه جذب شعوبه إلى صفها ليس أكثر؛ وإلا فقد كان الأشرار (إيران وإسرائيل ونظام بشار) الأكثر استفادة من تلك النكبة؛ ومن توظيفها حيث تقاسما حب ليلى ثلاثتهم والأمة بفضل الله ثم ربيع الثورات لم يقر لهم بذاك.
إن حسن نصر اللات في زمن استنارة العقول وسقوط العجول وفي زمن غلبت الوعي على الشعوب ما زال في الوقت نفسه يعزف على قيثارة العواطف؛ ما زالت على فلسطين تتصبب دموعه وعلى الفلسطينيين يبكي خشوعه.. والعجيب أنه تحدث عن فلسطين وكأنها محررة ولم تسقط بعد في أيدي اليهود.
هو فعلا تحدث عن سقوط, لكنه سقوط من نوع آخر ينسجم مع حقيقة نصر اللات تمام الانسجام, حيث صدر عن هذا الأخير كلام لم أرَ فيه نصر اللات إلا صادقاً وشفافاً.. وأستطيع القول للأمة الإسلامية:" لقد صدقك حسن نصر اللات وهو كذوب" عندما ربط بين سقوط النظام السوري وسقوط فلسطين؛ حيث قال موجهاً رسالة تحمل لا تغسل بعد اليوم عاره:" إذا سقطت سوريا (وهو يقصد نظام الأسد الحامي لإسرائيل) سوف تسقط فلسطين" هذا نص كلام حسن نصر اللات اقتباساً.
إن نصر اللات هنا يوجه رسالة ظاهرها فيه الرحمة للفلسطينيين وباطنها من قبله إطالة العذاب للسوريين؛ فبالمقارنة بين ما تصنعه شبيحة نصر اللات خائن الأمة والمقاومة في السوريين وبين ما يفعله اصدقاؤه الإسرائيليون بالسوريين لا نملك إلا أن نقول: سحقاً لشبيحة إيران..
إن ذلك الباطن المنتن في رسالة سيد الشبحية موجه إلى أصدقائه الجدد الذين قال عنهم سلفاً بأنهم لن يسمحوا بسقوط سوريا بشار, فهي إذا رسالة سعى من خلالها إلى تحذير صديقته إسرائيل من مغبة سقوط نظام طهرائيل بقيادة بشار؛ فبسقوطه- حسب عبارة نصر اللات- سوف تسقط فلسطين من يد الدولة الإسرائيلية, هذا هو المغزى الحقيقي والأكيد من عبارة أمين حزب الشبيحة ولا يستطيع أحد قراءة غير هذا المغزى, إلا إذا كانت فلسطين ما زالت محررة ولم تسقط بعد من يد الفلسطينيين؛ أما ما دامت فلسطين في قبضة اليهود فإنه يحذر اليهود أنفسهم من أن تسقط فلسطين من قبضتهم بعد سقوط جدارهم الثاني نظام بشار بعد سقوط الاول "النظام المصري" وعندما تصبح إسرائيل بلا جدار فإنه سيشتد عليها الحصار فلا تستطيع البقاء, لأنها لم تعد حسب القرآن قادرة على النزال أو القتال؛ وهي فعلاً حقيقة قرآنية؛ حيث أقرت آيات القرآن وبأسلوب القصر أن اليهود لا يقوون على الاستمرار إلا ببقاء الجدار (لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر) فالحصون الإسمنتية والحجرية لم تعد تجدي الآن, فقد كانت مجدية أيام حروب السيوف والنبال أما الآن فلم تعد مجدية الا الجدر البشرية؛ المتمثلة بالأنظمة العربية العميلة، وسقوط جدارين في وقت متقارب يقتضي سقوط الجدار الثالث؛ وهذا يترتب عليه انكشاف عورة إسرائيل وهذا يعني انها لن تعد قادرة بل ستعجز كل العجز أن تقاتل دونما جدار وهذا يترتب عليه سقوط فلسطين من أيديهم الملوثة؛ لهذا شرع نصر اللات محذراً, إذ ليس هناك تفسير لسقوط فلسطين إلا تحررها من غاصبها والمطبق عليها ومن هنا ظهر زعيم حزب اللات وفياً مع أصدقائه ولهم محذراً ولنجدته ونجدة بشار بكل صراحة وصدق داعياً.. ألا ترى معي أخي القارئ أن نصر الله صدق وهو كذوب!!.
د.حسن شمسان
صدق حسن نصر الله.. وهو كذوب! 1643