إن النقد الذاتي وقبوله من الأخر له بعد تربوي، وفكري، وقيادي، وحضاري كبير على المستوى الفردي، والأهم من ذلك أن له بعداً سياسياً وتنموياً مهماً على المستوى المجتمعي, فنقد الذات وقبوله من الآخر يساعد على التدافع التفاعلي الصحيح مع قضايا المجتمع والتنمية، كما يساعد على تحمل المسؤولية بجدارة خوفاً من النقد ويساعد على عدم التنصل من المسؤولية أو تحميلها للآخر.
إن عملية نقد الذات وقبوله هي مسألة ثقافية تتحكم فيها الأسرة، والمدرسة، والحي، والمسجد، والنخب المهيمنة علي الرأي العام وخاصة الوعاظ والخطباء ووجهاء المجتمع، وكذلك نجد أن ثقافتنا التي توارثناها، وما هو حاضر منها اليوم لا تشجع كثيراً على نقد الذات، وكثير ممن يطرحون ثقافة النقد غالباً ما يصابون بالإحباط بسبب الضيق من النقد بل وجود المعارضة القوية لفكرة نقد الذات، ولمواجهة العملية النقدية الذاتية ابتكر بعض معارضي النقد الذاتي مصطلح (جلد الذات)، واتهموا أي صوت يحاول نقد الذات بأنه يقوم بجلد الذات.
 ولقد تم استخدام مصطلح جلد الذات من قبل بعض الدكتاتوريين، ووضعوا العراقيل أمام كل من يحاول نقد الذات، وهو الأمر الذي ساعد على تحميل مسؤولية مشاكلنا للآخرين..
وللأسف أن من المناهج السائدة في حياتنا منهج الفكر التآمري ومنهج الفكر التبريري للأخطاء وهو منهج إبليس الذي قال( رب بما أغويتني).. فدائما نستحضر الفكر التآمري و نسارع إلى تبرير أخطائنا، وبالتالي تضيع علينا فرص الاستفادة والتعلم والتجربة، بينما كان من المفترض بدلاً من التبرير أن نعترف بالخطأ وتحديد الأسباب التي أدت إلى الوقوع فيه بكل أمانة وصدق مع النفس حتى يمكن وضع علاج علمي للمشكلة وبالتالي نتعلم منها ولا نقع فيها مرة أخرى..