يوماً بعد يوم تثبت القبيلة في بلادنا أنها رمز للتخلف والسلوكيات السلبية التي تتنافى مع قيم وأخلاقيات الشعب اليمني المعروفة عنه منذ القدم من خلال انتهاجها الأعمال الإجرامية الخارجة على النظام والقانون وضرب مقدرات الوطن وبنيته التحتية وهو ما يكلف خزينة الدولة مليارات الريالات سنوياً يدفعها المواطن الغلبان يومياً من قوته وقوت أولاده.
إن ضرب مصالح المواطنين والاعتداء الممنهج والمتكرر على أبراج الكهرباء وأنابيب النفط والغاز يجعل القبيلة ككل على المحك في مواجهة الشعب اليمني بكل شرائحه وانتماءاته ويزيد من عزلتها وتقديمها للداخل والخارج بصورة أكثر قتامة لارتباطها بالجهل والفوضى وممارستها للعنف والإرهاب والتمرد على قيم السلم الاجتماعي والانتقام من الوطن والشعب عن طريق تدمير مصالحه ومقدراته..
ولذلك ستظل القبيلة رمزاً للتخلف وحاملاً لمشروع الفوضى والعنف ما لم تثبت عكس ذلك ويتداعى عقلاؤها لتجريم هذه الأعمال والتبرؤ ممن يقومون بها, بل وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءاهم العادل والرادع, وإلا كيف نفهم العيب الأسود في عرف القبيلة إن لم تكن أعمال التخريب والتقطعات والثارات وقتل الناس بالهوية وكل هذه السلوكيات الإجرامية على رأس قائمته؟, أي عيب وأي عار في جبين القبائل أكبر من سكوتها على أعمال التخريب؟, وأي حقد هذا الذي يتلبس هؤلاء الحثالة وهم يغرقون البلد في الظلام ويستهدفون نفطه وغازه واتصالاته؟, وأي دولة مدنية التي سنحلم بها في ظل العربدة القبلية المتخلفة وهي تحاول العودة بنا إلى القرون الوسطى وترسيخ ثقافة الاحتراب والكراهية ونسف مفاهيم الحرية والعدالة والنظام والقانون.
إذاً لا فرق بين ما يقوم به تنظيم القاعدة الإرهابي وبين ما تقوم به بعض قبائل اليمن, فكلاهما في الفعل شرق ينتهج الإرهاب وإن اختلفت الأهداف والمسميات, فالأول يقتل تحت يافطة دينية منحرفة والثاني يمارس التخريب والتدمير بدافع مصلحي شيطاني ونفسية مأزومة شريرة..
لكن ما يثير الاستغراب هو أن الدولة لم تتعامل مع ظاهرة التخريب والتدمير لمنشآتها الحيوية كما تعاملت مع عناصر القاعدة, ففي حين تمكنت الدولة بمؤازرة اللجان الشعبية من تحرير أبين وبعض مديريات محافظات شبوة من قبضة القاعدة وضربها في مقتل, كما يقول المثل, فإنها تقف اليوم عاجزة عن حماية الكهرباء والنفط والغاز والألياف الضوئية وهذا يفتح الباب على مصراعيه للتكهنات والتأويلات في ظل التزام الحكومة الصمت المطبق وكأن الأمر لا يعنيها لا من قريب ولا من بعيد, وبالتالي لا غرابة أن تتصاعد الأصوات بمن فيها بعض المكونات الثورية المطالبة برحيل الحكومة والنظام الحالي لعدم قدرته على تحقيق الأمن والاستقرار, بل وعدم قدرته على لجم النظام السابق الوكيل الحصري لهذه الأعمال على الأقل في المرحلة الراهنة والتوجه لإسقاط الحصانة عنه, وكذلك الشروع بمحاكمة شيوخ القبيلة ممن لهم علاقة بأعمال التخريب والانفلات الأمني, حتى وإن كان البعض منهم له مواقف مساندة للثورة الشبابية السلمية.
أخيراً مثلما يستخدم النظام الطائرات الأمريكية بلا طيار لملاحقة من يشتبه بانتمائهم إلى تنظيم القاعدة, كان يفترض به أيضاً أن يستخدم التقنية نفسها لحماية أبراج الكهرباء وأنابيب النفط والغاز وضرب المخربين في عقر دارهم حتى يكونوا آية وعبرة لمن تسول له نفسه المساس بمقدرات الوطن واستقراره, وسواء كان المجرم من تنظيم القاعدة أو من قاعدة القبيلة, فكلاهما وجهان لعملة واحدة.
عبد العليم الحاج
وجهان لعملة واحدة 1261