صحيح تعرض الدكتور/ياسين سعيد نعمان لحملة ظالمة من قبل بعض الصحافة التي أرادت استهدافه وتاريخه بشكل مباشر، وعملت من الحبة قبة، ورأت في تعيين ابنه (أيمن) في وزارة النقل خرقاً للقانون وخارج المواطنة المتساوية وقالت كلاماً مباحاً وغير مباح وكأن (ياسين سعيد نعمان) قد خان وطنه وقضيته ونضاله ورفاقه ولم يعد ذلك الإنسان الذي نعرفه يرفض الظلم والقهر والاستبداد والمحسوبية وصار ضد المواطنة المتساوية والدولة المدنية الحديثة واشتغل على هذا الكثير من الكتاب بطريقة فجة وغير لائقة أو مهذبة.
كل هذا صحيح ونحن ضده تماما، ولكن ليس في مقابل هذا أن ينساق الدكتور (ياسين) في طريق آخر تؤدي إلى أزمة سياسية يريدها ويتمناها الطرف الآخر الذي قامت ثورة التغيير لاقتلاعه وحري به أن يقبل الرأي الآخر مهما كان شططا، على الأقل لأنه من ينادي بالديمقراطية ويشتغل على جعلها حياة وطن ويؤمن بها دونما تراجع.. وهو وليس غيره أكثر حرصاً عليها وتفهماً لطبيعة تحولاتها في بلد كاليمن متخلف قد يتخذ البعض منها "أي الديمقراطية" وسيلة للمزايدة والنيل من الآخر وتناوله بطريقة غير حصيفة أو مؤدبة.
كل ذلك وارد في ديمقراطية البلدان المتخلفة.. والحرص على تنميتها وازدهارها يبقى رهن القوى المثقفة الفاعلة القادرة على تطوير المشاركة الشعبية.
ويبقى في طليعة القوى المؤمنة بالتغيير وفاعليته، الدكتور (ياسين سعيد نعمان) الذي لابد أن يكون الأنموذج الأفضل في تقبل الديمقراطية والرأي الآخر وإن رأى فيه اعوجاجاً، عليه أن لا يعيره اهتماماً، وأن يظل المنافح عن قيم الرأي الآخر وحرية الكلمة حتى لا يقال إن (ياسين سعيد نعمان) يؤمن بالديمقراطية حين تتناول الآخر لكنه يرفضها ويمقت حروفها ويراها استهدافاً ومؤامرة سياسية حين تأتي إليه، هذا على الأقل ما يريد إثباته أعداء الديمقراطية ومن يستهدفون فعلاً الدكتور/ ياسين الذي يرون فيه أحد أهم الفاعلين في معترك الحياة السياسية المعاصرة في اليمن وصاحب الدور الحيوي المهم في الثورة على الطغيان والظلم وعليه تقع مسؤولية التصدي له والزج به في صراع مع التغيير ذاته وكشف ضيقه وتبرمه من الرأي الآخر الذي كان من أشد المطالبين به. وهنا لابد من التأكيد أن العمل الديمقراطي والإيمان به والسير فيه ليس بالأمر الهين ويحتاج إلى دربة ومثابرة وصبر وتحمل ألم ومعاناة ودفع ضريبة التغيير والتي قد تصل إلى مستوى الاستهداف الشخصي.
وإذاً على الدكتور (ياسين سعيد نعمان) ونحن نتعاطف معه بقوة أن لا يلقي بالاً لقوى تريد فتح جبهة معه لتنال ليس من شخصه ولكن من الديمقراطية كمكسب حين تجعله يصل إلى الكفر بها وإلى اعتبارها مؤامرة عليه وعلى الاشتراكي وعلى الجنوب وهي تحليلات وقفنا عليها بقوة حين لاحظنا من كتبها؟ ومن ورائهم؟ وماذا يريدون؟. وتكشف لنا أن ثمة قوى مناوئة لفعل التغيير مهمتها إيجاد فجوة بين أحزاب المشترك وتوسيع هذه الفجوة ووضع أحزاب المشترك في مواقف تؤدي إلى تأزيم الحياة السياسية.
هذا على الأقل ما نراه حين يدخل حلبة الرأي والرأي الآخر من كانوا ذات زمن يعبدون النظام السابق ويرونه الواحد الأحد والعقل المدبر، وهم اليوم يتناولون الهجوم على الدكتور( ياسين سعيد نعمان) وابنه بكثير من الإشفاق عليهما والوقوف معهما ومؤازرتهما وطرح التحليلات أن هذا استهداف مباشر من الإصلاح على وزير النقل وياسين وله قصدية واضحة ويعلنون وقوفهما ضد الحملة الظالمة وأنهم لا يقبلون بهذا الظلم.
كل وذلك وهدفهم واضح محدد وهو التأثير على الدكتور (ياسين سعيد نعمان) بأن الإصلاح يريده هدفا ولا يقبل بالشراكة ويخلق معارك وهمية مع الآخرين لتغطية فشله في الحكومة كطرف، ويكاد المتابع لهكذا توسيع فجوة أن يصدق ويقع في المبتغى الذي يديره من لهم باع في إشعال الخصومات والتباينات فما بالنا بالدكتور (ياسين) الذي يرغب الظلاميون في محاصرته وإخراجه من المشترك وتحديد موقف من السياسي الراهن ليموج الوطن بالفوضى وتشتعل الخصومات وتنبت الأحقاد ويسهل الترويج لماضي مؤلم ولثارات سياسية سابقة.. ومن ثم يطل من خلال هذه التناقضات والخصومات النظام المخلوع الذي لا يجد نفسه إلا في زرع الفرقة والانقسام.
وإذاً الأولى للدكتور (ياسين سعيد نعمان) أن يمتص هذه الهجمة الغير منطقية وأن يدرك إلى أين تؤدي؟ وأن يتجاوزها مهما كانت ظالمة، وأن يضرب مثلا بنفسه يعبر فيه عن قناعاته القوية بالديمقراطية واستعداده لتحمل نتائجها مهما كانت مريرة وقاسية من أجل الوطن منتصراً.. صحيح أنها حملة غير نزيهة وفيها من الأحقاد الكثير وفيها تهويل وكأن ما حصل عليه أبن الدكتور من منصب سيجعل الكون يصاب بالدمار الكبير وكأن أبنه ليس من حقه أن يجد ما يستحقه بكفاءاته وأن عليه أن ينتظر في الطابور طويلا ليحصل على حق قانوني أو أن ذلك يعد جرما المتهم فيه ليس له ناقة ولا جمل الدكتور (ياسين سعيد نعمان) ومثل هذا الكلام الغير حصيف نحن ننظر إليه بريبة وأنه تطاول فعلا على قامة وطنية لا نريدها تقع في أي مؤثر من مؤثرات إشعال فتيل الخصومات مع المشترك، لأن هذا يؤدي إلى وضع الديمقراطية في المحك وإفشال ما نراه اليوم، وهويوشك أن يكون قوة هائلة في مواجهة الاستبداد أينما وجد.
والحق أقول: لقد تعرض الدكتور ياسين سعيد نعمان لظلم الكتاب والصحفيين ولحملة مسعورة لم نكن نرجوها ولا نريدها ولا نقبل بها، غير أنها تبقى امتحاناً لهذا الرجل، عليه أن يتجاوزه بالصبر والتفهم لطبيعة حال الديمقراطيات الناشئة وما تحتاجه من روية وتبصر وعدم انفعال وإيمان أن الغد أفضل وأن ضريبة التطور يدفعها المناضلون أكثر من غيرهم.
محمد اللوزي
إلى الدكتور ياسين: ضريبة التطور يرفعها المناضلون 1471