إب اللواء الأخضر من تغنى الفنانين بجماله الخلاب, ووصفه الشعراء والأدباء وذوو الألباب, بلاد الجمال وكرم الضيافة ومقر السعادة المقيمة هناك, ولكن حلمها الذي ظل يراودها طيلة سنوات عديدة وما زال يتبختر بوجهها ويختفي كالسراب, بل ولم يكتفي بذلك, فما زال يعطيها مواعيد عرقوبية زائفة لم تظهر ولم تتحقق بعد.
لم يعد سراً نبأ الوحوش الأشقاء الجاثمة على صدر(إب) الحنون والذي لم يستطع حراسه أن يعطوه حقه من الرعاية والاهتمام والحماية الكافية الذي يعيد للمدينة جمالها المسلوب وبهائها المغدور به في وضح النهار.
أنهار من نوع آخر:
بينما أنت مار في أحد تقاطعات المدينة ومعابرها المهمة, وبالأخص الباب الشرقي لجامعة إب وملعب 22مايو, تستوقفك مناظر مقززة وروائح كريهة تزكم الأنوف , فالذي أمامك هو نهر جاري ولكن من (المجاري), فبينما أنت واقف أمامه عاجزاً عن اجتياز النهر الأسود المتدفق بغزارة تفكر بالعودة وتأخذك قدماك لا إرادياً إلى الخلف.. إن كنت شاباً قوياً تحب المغامرة فستستطيع العبور ولكن عليك أن تدفع الضريبة وهي زخات ورشات لا بأس بها , أو لربما انقلبت إحدى الأحجار الممدودة وسط النهر للعبور عليها فتنقلب رأساً على عقب في بحر القذارة, فما سيكون قرارك في هذه الحالة ؟ لعل المهمة صعبة ولكنها أصعب على النساء والطالبات والأطفال وكبار السن والذين صاروا يملأون ضفتي النهر منهاري القوى صاخبين حزينين, يتراشقون نظرات الاستياء فيما بينهم وتقاطيع الغضب والسخط تظهر على وجوههم ,في هكذا موقف مؤلم بكل ما تعنيه الكلمة من معنى, ألا تسأل جهاتنا المختصة نفسها ما يجب عليها فعله حيال هكذا مواقف وظروف صعبة يمر بها المواطن المسكين؟ أم أن عليهم التعبد في قصورهم فقط؟.. لا شك أن هذه الحالة هي واحدة من الحالات المأساوية التي تنمو وتترعرع على أفياء اللواء الأخضر وساحاته التي تكاد أن تنطق نيابة عن البشر (قتلتمونا جميعاً).
كثيرة هي العوائق والحواجز التي تقف حجر عثرة في طريق تقدم المدينة وأهلها لتظل قبلة للزوار وحديقة للناس والعصافير, فشوارع المدينة تعج بالسيول الجارفة المختلطة بمياه الصرف الصحي ,مغلقة حلقات التواصل والسير ,فأين العاصمة السياحية التي يتكلم عنها المسئولون والتي لم تلاقى الاهتمام الأدنى أو حتى إيجاد حل للمشكلات العويصة التي تمر بها المحافظة, أو على الأقل إيجاد حل لمخلفات الصرف الصحي والسيول, بإيجاد ممرات خاصة لكل منها, وصنع الجسور على الأماكن التي تمر فيها السيول الكبيرة والتي راح ضحيتها الكثير, جسر واحد يحل مشاكل عظمى وما أعظم الجسور حينما تشيد على المواقع الهامة والرئيسية كأبواب الجامعات والمدارس والمرافق الهامة والحيوية.
إب غابة للوحوش المفترسة:
على الرغم من الكتابات الإعلامية والتحذيرات المستمرة من الخطر المخيم على المدينة, لم تلق تجاوباً أو حتى آذاناً صاغية من الجهات المعنية, فجيوش الكلاب المسعورة ما زالت تتجول باختيال في شوارع المدينة وأزقتها , معلنةً حربها المقدسة ضد مواطنين عزل (أطفال- نساء- شيوخ..) فلا تستغرب حينما ترى وفود الكلاب وأسرابها تتقاطع وتتجمع كخط سريع من المركبات, لا تستغرب حينما تأتيك الأنباء المتسلسلة أن ابن فلان عضه كلب مسعور فمات, وبنت فلان هجمت عليها جماعة من الكلاب فعبثت بها وصارت في لحظاتها الأخيرة, لا تستغرب حينما يأتيك الخبر أن فلاناً هجم عليه كلب فمات من الفزع والخوف, لا تستغرب هذا فأنت في حديقة مفتوحة لتربية الكلاب في ولاية (إب) ولكم نادينا ونادينا حتى مل النداء منا ولكن حالنا أصبح كقول الشاعر: ولو ناديت لأسمعت حياً.. ولكن لا حياة لمن تنادي.
ولو ناراً نفخت بها أضاءت.. ولكن أنت تنفخ في رمادِ
ومضة:
فلتعذريني يا قبلة الجمال
فحقولك الخضراء صارت تخضبها الرمال
وكفك المنقوش من دمع الندى
ينبئ بالزوال
عذراً يا أمنا..
فسماؤنا قد غيمت بالحزن
على يمينكِ والشمال
فمتى تعودي عروسة ترتدي الحلية الخضراء
ونسيمك العليل يهدم المحال.
سليمان عياش
العاصمة السياحية.. الحلم الذي لم يتحقق!! (1) 1601