;
علي ناجي الرعوي
علي ناجي الرعوي

اليمن.. الواقع والخيارات!! 2218

2013-06-13 20:53:49


  سجل اليمن خلال الأسابيع الماضية عدة سوابق تاريخية بعد ان كان اسم هذا البلد لا يذكر في وسائل الإعلام إلا و قفزت الى الواجهة مباشرة مشاهد الثكنات العسكرية المتقابلة والمدافع والدبابات المتواجهة بعد ان انقسمت العاصمة صنعاء الى ثلاثة معسكرات كل منها يستعد ويتأهب للحظة الفاصلة التي يسقط فيها هذا البلد في مستنقع الاقتتال و الاحتراب ودوامة العنف والفوضى التي تأكل الأخضر واليابس.
فعقب الأحداث المؤلمة التي شهدها اليمن عام 2011م وما رافقها من انقسامات بين ابناء الوطن الواحد أدرك المختلفون جميعاً ان ما اَلت اليه الأمور من انفلات وتفاقم أصبح خطيراً ويتجاوز قدرة كل الأطراف دون استثناء على ضبط الأمور ووأد الفتنة التي أطلت برأسها وأنهم اصبحوا أمام خيارين لا ثالث لهما فإما الانجراف نحو صراع لا تضبطه قواعد وإما تحكيم العقل وتغليب الحكمة والاستجابة للمساعي الخيرة التي بادر إليها الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسهم القيادة السعودية التي سعت حثيثاً وبشكل دؤوب الى جمع الفرقاء واقناعهم بالتوقيع على المبادرة الخليجية التي اشتملت على خارطة طريق للتسوية السياسية وتحقيق المصالحة الوطنية الموصلة الى حل يقود البلد إلى شاطئ الأمان والاستقرار.
وقد لمس الجميع في اليمن وخارجها ان مجرد موافقة هذه الأطراف على المبادرة الخليجية قد أثمر ايجاباً وانعكس خيراً على واقع كل اليمنيين وحياتهم اليومية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية حيث انتصرت لغة الحوار على لغة البنادق وهذا لا يعني أن أطراف الصراع قد حسمت خياراتها ورست على وجهة نظر واحدة وان الاصطفاف داخل مؤتمر الحوار قد اخذ تموضعاً نهائياً وطوى موروثات الماضي واصبح متفقاً على خارطة طريق المستقبل .. حيث وان الخلافات والانقسامات في المواقف مازالت طاغية على المشهد في ظل غياب رؤية متفق عليها تحتكم اليها كل هذه الأطراف وليس في هذا القول ما يثبط العزائم, لكنه يأتي من قبيل الواقعية التي يجب عدم اغفالها أو القفز عليها تحت تأثير بعض الأحلام والأمنيات التي سرعان ما قد تتبخر وتتلاشى على وقع أية محاولات استفزازية يرى فيها أي طرف استهدافاً له ودوره في الحياة السياسية أو سعياً الى إقصائه في رسم ملامح المستقبل.
وبطبيعة الأوضاع في اليمن وتقاطع المصالح وتضاربها والمعطيات القائمة التي تبرز ملامحها في وجود عدة قوى تتنازع النفوذ مثل حركة الحوثي والحراك الجنوبي الانفصالي وتنظيم القاعدة والتكوينات القبلية الراغبة في الحفاظ على مكانتها كلاعب أساسي في الواقع الاجتماعي والسياسي سنجد أننا أمام مجموعة من العوامل المتشابكة التي تبقي على جميع الخيارات مفتوحة ولذلك فلابد وان تعي كافة القوى السياسية اليمنية أن منهجية تفتيت وإضعاف الآخر الشريك في الوطن والمواطنية ومحاولة تهميشه أو إلغائه لن يؤدي إلا الى تعزيز عوامل الانقسام وشحن النفوس بكل ما من شأنه زيادة الفرقة وإفساد منطق الأخوة وروح الوطنية الجامعة.
لقد أظهرت اليمن للعالم أجمع إمكانية إحداث التغيير بالطرق السلمية وقدمت عبر الحوار مثالاً متميزاً للتطور الداخلي والتحرك في طريق الديمقراطية وبناء نظام سياسي واجتماعي جديد أكثر توازناً وجاذبية ومع ذلك فان الحفاظ على هذه الصورة ليس بالأمر السهل؛ إذ انه ورغم أجواء التفاؤل والنتائج الايجابية التي خلص اليها المتحاورون في المرحلة الأولى من مؤتمر الحوار فانه لا يمكن الرهان على هذه البدايات, خصوصاً في مشهد يتغير كالطقس فهو مشرق في ساعات وملبد في ساعات أخرى وذلك ما يقتضي المزيد من الحكمة والتروي حتى يمضي مشروع المصالحة الى نهاية الطريق الذى ينتقل بالجميع من الصراعات السياسية والانقسامات الأهلية الى فضاءات الدولة اليمنية الحديثة وذلك ما يأمله الإنسان اليمني الذي عانى كثيراً ويحلم اليوم بما يسمى بالسلام الداخلي والسلام مع النفس والسلام مع الآخر.
إن المصالحة الوطنية مطلوبة لتجاوز لغة السلاح والتعصبات الجهوية والقبلية والمذهبية والطائفية التي تتهدد قيم الحياة وتدمر معاني التعايش والتقارب والتفاهم بين أبناء الأسرة الواحدة ونذكر هنا بما كان قد نصح به المناضل" نلسن مانديلا" دول الربيع العربي الذى قال لحكامها الجدد: لا تبنوا الدولة الجديدة على الفراغ وعلى الحقد والانتقام وتصفية الحسابات القديمة.. ورجل في مثل قامة" مانديلا" لا يتحدث عن عاطفة بل عن تجربته الناجحة في جنوب افريقيا حين كلف" ادموند توتو" برئاسة لجنة المصالحة التي ضمدت الجراح وانهت حقبة طويلة من اضطهاد الاقلية للأغلبية في ذلك البلد الافريقي.. واتساقاً مع هذه النصيحة فما نتمناه في اليمن هو ان لا ينجرف معارضو الأمس الى اضطهاد وتهميش وإقصاء معارضي اليوم وان يتقوا الله في هذا الوطن الذى يكفيه ما ناله من الماَسي والويلات والكوارث.
الرياض

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد