من الضروري أن يتم النص ضمن صلب الدستور القادم على نصوص تعبر عن تحديد دقيق لمفهوم الدولة المدنية وتشير بوضوح لخصائص الدولة المدنية وتحدد بدقة الأسس الدستورية لهذه الدولة.
ومن أهم خصائص الدولة المدنية التي يجب النص عليها في الدستور القادم الآتي:
1-احترام الآخر
2-التجاوز عن الاختلافات مع الآخر:
ومقتضى هذه الخاصية القبول باختلاف الآخر استنادا إلى التنوع الاجتماعي والثقافي والعقائدي في التكوينات الاجتماعية للمجتمع اليمني بالشكل الذي لا يجوز بعد تضمين الدستور القادم هذه النصوص النظر إلى هذه الاختلافات على أنها خروج عن الشريعة أو انه من الضروري أصلاحها طالما وقد ارتضي الشعب اليمني التعايش السلمي في إطار دولة مدنية محددة المفهوم والخصائص في صلب دستور مقدس يتضمن حقوق وحريات المواطن اليمني.
كذلك لابد من إعادة النظر في النصوص التي تحدد مصادر التشريع في الدستور الجديد بالشكل الذي يتلاءم مع مفهوم الدولة المدنية الذي سيمثل أهم نصوص الدستور القادم بما في ذلك من تعديل نص المادة (3) من الدستور الحالي التي تنص على (الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات).
ومن أهم الأسس الدستورية للدولة المدنية الأتي:
أ)أسس تتعلق بالنظام السياسي للدولة
ب)أسس تتعلق بسلطات الدولة المدنية الحديثة والدفاع والأمن.
أ)أسس تتعلق بالنظام السياسي للدولة.
من خلال تأملنا في نص المادة (5) من الدستور اليمني الحالي التي تضمنت عدد من هذه الأسس الهامة وجاءت موجزه في صياغتها نتسأل عن مدى التناسب بين هذا الإيجاز في صياغة هذه المادة وبين متطلبات الواقع السياسي اليمني اليوم وقد تضمنت هذه المادة عدد من هذه المبادئ نوضحها كالأتي :
1-يقوم النظام للجمهورية اليمنية على التعددية السياسية والحزبية
2-التداول السلمي للسلطة
3-ينظم القانون الأحكام والإجراءات الخاصة بتكوين التنظيمات والأحزاب السياسية وممارسة النشاط السياسي.
4-لا يجوز تسخير الوظيفة العام أو المال العام لمصلحه خاصة بحزب أو تنظيم سياسي معين.
والملاحظ من هذا النص أن التداول السلمي الذي يمثل أهم مبادئ ثورة فبراير قد جاء في هذا النص بمثابة هدف ولم يتم النص عليه بشكل مستقل يبرز أهميته ومكانته الدستورية باعتباره إحدى الأهداف الأساسية لثورة فبراير اليمنية وهذا يتطلب إعادة صياغة هذا النص بالشكل الذي يتوافق مع أهداف ثورة فبراير اليمنية.
كما أن التعددية الحزبية تحتاج إلي تفصيل وبيان أكثر بالشكل الذي يجعلها أكثر تطورا بعد الثورة الثانية وينقلها من الحالة المتردية التي كانت فيه في الجمهورية الأولى عندما كانت مجرد ديكور سياسي للحزب الحاكم في تلك الجمهورية.
ب)أسس تتعلق بسلطات الدولة والدفاع والأمن:
لعلى من أهم النصوص الدستورية التي تنص على هذه الأسس نص المادة (149) التي تنص على استقلال السلطة القضائية والنصوص الدستورية من (36) إلي (40) والتي تتعلق بمرافق الجيش والأمن وهنا نشير إلي بعض الملاحظات الهامة التي يجب أخذها بالاعتبار عند إعادة صياغة هذه النصوص والتي من أهمها :
1-أن هذه المرافق الأساسية هي مرافق منذ الدولة الحراسة ويجب إبعادها عن الحزبية والمناطقية والفساد وهو أمر ليس بالسهل فرغم النص على ذلك ضمن نصوص الدستور الحالي إلا أن تنفيذ ذلك على ارض الواقع يحتاج إلي جهود كبيره وتضمين هذه النصوص عند صياغتها ضمانات دستوريه تكفل التنفيذ.
2-التركيز على أسلوب اختيار الموارد البشرية في هذه المرافق العامة الحيوية.
3-آلية التأهيل والإعداد في هذه المرافق العامة.
4-إعداد إستراتيجية تعليم وفق معايير الجودة العالمية لتأهيل كوادر هذه المرافق.
5-تشكيل مجلس الدفاع الوطني بشكل علمي بحيث تكون رئاسته للأكفاء في الجيش اليمني بعيدا عن رئيس الجمهورية ولتحقيق ضمانه أخرى لاستقلال الجيش تدعم مهمته الوطنية في الدفاع عن تراب اليمن التي هي مهمته الأساسية.