من المفروض أن يشكل إسقاط النظام وطرح البديل جوهر العلاقة المرحلية والاستراتيجية بين أطراف المعارضة التحررية, هذا هو المفروض أن يتم في البلدان التي شهدت ثورات الربيع العربي ونجحت في إسقاط الأنظمة الحاكمة.. فمن الملاحظ أن هنالك صراعاً حامي الوطيس يدور حول توجيه الحراك العربي والسيطرة عليه وتوظيفه لصالح هذا الطرف أو ذاك سواء على المستوى المحلي, حيث مكان الحدث, أو على المستوى الإقليمي..
لعل ظهور ووجود الميليشيات والأيديولوجيات المختلفة في الثورات العربية صعَّب مهمة بناء الدولة الديموقراطية حتى بعد سقوط النظام وهذا ما يضع في الواجهة قضية التزام الميليشيات المختلفة بالقضايا الوطنية ومطالب الشعوب العربية وقدرتها على الإيفاء بحقوق المجتمع والشعب ككل بكل مركباته وأطيافه وطوائفه وأديانه في مرحلة ما بعد إسقاط النظام وبناء الدولة العادلة الدولة المدنية الحديثة..
ما يجري في أحداث العالم العربي اليوم هو محاولة تكييف الشعوب مع حالة تبعية قادمة أسوأ من سابقتها من خلال محاولة خلق أنظمة عربية رجعية وليست إيجاد أنظمة عربية وطنية وديموقراطية كبديلة لأنظمة الدكتاتورية الحاكمة.. كان من المفروض أن تكون الشعوب حاضنة الثورة وهذا ما يعني غياب التلاحم والتلازم بين النضال الشعبي الوطني والنضال الاجتماعي في إطار معركة التحرر من النظام والتبعية في أن واحد..
وهنا يضيف الكاتب العربي الدكتور/ شكري الهزَّيل أن هنالك محاولة فبركة وتزييف للوجدان العربي والحقيقة هي أن نضالات الشعوب العربية أخذت دوماً صبغة النضال الوطني التحرري وكذلك النضال الاجتماعي وقد تداخل دوماً النضال الوطني والاجتماعي وكانا دوماً هدفاً رئيسياً من أهداف النضالات العربية عبر التاريخ, بمعنى التحرر الوطني والاجتماعي من سلطة الحاكم الخائن والدكتاتور وتبعيته للغرب وفي نفس الوقت المطالبة بالحقوق والعدالة الاجتماعية.
إن الأجدر في ثورات الربيع العربي أن تفرض المعركة التحررية من الأنظمة الدكتاتورية وحدة صف جميع القوى والتيارات الوطنية في اتجاه إسقاط النظام وتحرير الوطن من هذا النظام ومشتقاته وحلفاءه.