بعد سبع سنوات من العناء والتعب في أرض المهجر أراد أن يعود إلى وطنه ليستظل بحريته من وهج الغربة المضني، أخذ جواز السفر بحوزته وجهّز حقيبته البلاستيكية المليئة بالهدايا للأهل والأقارب متوجهاً بالطائرة إلى مطار صنعاء الدولي بعد أن ضاق به الحال في الاغتراب المؤبد الذي جلب له ارتفاع ضغط الدم وزيادة نسبة السكر في جسده المشلول..
غادر عاجلاً غير آجل والدموع تسقط على خدوده ليس فرحاً بعودته إلى الوطن وإنما دموع حسرة وندم.. عندما رأى الآباء والأبناء في أرض المهجر مشردين عن الأرض والوطن لا يجدون من يقف بجانبهم لتصحيح أوضاعهم بعد القرارات الأخيرة بالمملكة العربية السعودية سوى رب الأرض والسماء.
على عاتق من تقع مسؤولية المغترب اليمني في الخارج؟, هل على البعثات الدبلوماسية التي ترسلها الحكومة, أم على عاتق الحكومة نفسها, أم على المغترب ذاته عقاباً له عندما ترك وطنه؟.. هناك أسئلة كثيرة تقع على كاهل وزارة المغتربين التي تعتبر البوابة الرئيسية لمعاناة المغترب اليمني في الخارج.
(خطر ممنوع الاغتراب) شعار امتزج في ذهني عندما رأيت القوافل تسير وهي مليئة بالمغتربين اليمنيين متجهةً إلى الوطن الحبيب، البعض غادر أرض المهجر وهو مقيمٌ غير شرعي والبعض خرج نظامياً للضرورة الملحة بجواز سفره حفاظاً على نفسه من الحملات الأمنية بعد القرار الأخير التي أصدرته وزارة العمل السعودية.
الطيور المهاجرة لا يحق لها أن تغرّد بأعذب الألحان هذه الأيام خارج الوطن, بل ما يزال الطائر المهاجر يحن على عشه التي ولد فيه نتيجةً لعدم الرعاية والاهتمام في الخارج.. عيون تمطرها الدموع، وحناجر تتذوق بالمُر، وقلوبٌ تكتوي بالنار, كل هذه الآلام تجدها في المغترب عن أهله ووطنه, فمن هو المسؤول الأول الذي يضمّد الجراح ويمسك على مكان الألم؟.
أصبح المواطن اليمني يعيش بين عذاب الداخل وجحيم الخارج.. ليت حكومة الوفاق وعلى رأسها وزارة المغتربين تنظر بعين الاعتبار للمغتربين الذين غادروا وطنهم بحرية تامة, فأغلقت دونهم الأبواب ولم يبق لهم غير باب العرش مفتوحاً يبتهلون إليه بالدعاء.