قذف الرئيس بابن الشيخ الباشا في وجه المتطلعين للتغيير والمدنية ودولة القانون، مثلما فعل قبله بتعيينات الرقابة والمحاسبة سيئة الصيت.. الخبطة أعمق من تعيين يغرف من نفس الحوض الآسن.. الخبطة الأكبر هي في انعدام توازن الرئيس وارتباكه وتخبطه وهذه كلها تكشف عنها هذه التعيينات وتشي بما هو أكبر منها.
تشارف فترة الرئيس الانتقالي على نهايتها ومع ذلك يبدو أن الرجل لم يستطع أن يشكل فريق عمله حتى الآن.. المقصود فريق عمل متجانس وفق هدف واضح في رأسه، هدف لا لبس فيه ولا مجال للارتباك والتلعثم ووضع رجل وَجِلَة مرتعشة في التغيير ورجل أخرى في وحل الحوض القديم الآسن وأساليبه وتعييناته.
استمرأ الرئيس العزف على واقع طرفي المبادرة ونسي أنها قامت على مبدأ التغيير، وإلا فليسأل نفسه: كيف أمكن تنحية صالح الرئيس "الشرعي" دستورياً على الورق جانباً، وتصعيد نائبه عبد ربه إلى الواجهة بشرعية التغيير الذي تعمد بالاستفتاء الشعبي الكاسح الذي أدركت جموعه بعقلها الجمعي ضرورة دعم الرئيس الجديد حتى تساعده للخروج من حالة البين بين، وتسرع في استعادته لشخصيته التي همشها صالح سنوات طوال في المكتب الخلفي بعيداً عن الصلاحيات والمهام؟.
لا أحد يمكن أن يخاطب الآن ويُحمل المسؤولية سوى الرئيس المؤيد شعبياً عبد ربه منصور هادي.. الحكومة تم اكتشافها من وقت مبكر أنها فجوة المرحلة، ومع ذلك ماطل عبد ربه في اتخاذ موقف مبكر يتلافى نكباتها وخرج أكثر من مرة يصدع رؤوسنا دفاعاً عن حكومة باسندوه، ودفاعاً عن تباطئه وارتباكه بالإحالة إلى ألفين واحد عش, والمتاريس والمخاوف والحرب التي تجاوزانها, والكهرباء والماء, حتى آخر خطاب له لا زال الرئيس البطيء والمرتبك مقيماً في مخاوف ألفين واحد عش.
طيب يا رئيس الجمهورية, نعم, لقد كان ذلك إنجازاً يمكن الحديث عن نجاعته في خطابك العام خلال الأشهر القليلة التي تلت انتخابك بالاستفتاء العام، أما استمرارية الإقامة في خطاب المن بالمتاريس والحرب التي لم تتم وتحولت إلى حرب ناعمة شاملة ضد آمال اليمنيين وتطلعاتهم للتغيير وتجاوز الماضي, فذلك الفشل بعينه.
ورط الرئيس شوقي هايل بمحافظة تعز وتركه يمخر العباب بهيكل محافظة منكس, تركه لقمة سائغة للوبي القديم بوكلائه ومنظومته، واكتملت الحلقة في الضفة الأخرى بضجيج ساهم في تشكيل حالة استقطاب ما كان ينبغي أن تتشكل, لأن نتيجتها الوحيدة هي فشل المحافظ المحترم وتمديد عمر اللوبي الوسخ الذي استثمر الحالة باختطاف المحافظ ذي الاسم الذهبي ومواصلة المعركة القذرة ضد التطلعات التي التمعت في 2011 من خلف.. في إب وحضرموت وحجة وغيرها, وفي البنية الإدارية والأمنية للمحافظات بقي الرئيس غائباً.
لا تحدثونا عن الحكومة الفاشلة ولا عن أحزاب المشترك التي تاهت في وادي المحاصصة, ولا عن بنية المنتفعين من صالح وبقاياه، ولكن حدثونا فقط عن دور الرئيس الذي انتخبناه وساندناه وراهنا عليه وكتبنا عن رصانته وثقله، الرصانة والثقل الذاتي اللذان لولاهما لكان موقف الأغلبية تغير إزاء المبادرة وآليتها.
كان الرئيس وما يزال نقطة الارتكاز للمرحلة الانتقالية, وكان واضحاً من البداية أنه إما أن يكون نقطة قوتها الحاسمة أو نقطة ضعفها القاصمة.. وقد احترمته أغلبية الشعب اليمني وأيدته وصبرت عليه, ولو كان المرشح للدور علي مجور أو رشاد العليمي لما قبل المزاج العام حينها بتسوية ومرحلة انتقالية يتصدرها تابع أو أفاق وكلاهما ملطخة يديه بدماء الشباب الثائر الحر التي سفكت في الشوارع.
الناس مع الرئيس ورهانهم الأكبر كان عليه، وهو مرتبك حائر يضرب ضربه في القاع وضربتين في "القُصَاعْ"، تائه وسط فريق عمل مُلَقطْ مثل حَبْ المجذوب, كل واحد فيه يعمل في وادٍ والرئيس في وادٍ آخر.
اصحي يا رئيس الجمهورية؛ لقد انتفض الشباب وضحوا بأرواحهم من أجل المساواة والانعتاق من حوش الشيخ والنافذ والفاسد والهمجي، فهل تختار الفشل الذي سيحيط بك لو استمريت في الكيل من الحوض الملوث, أم تكون مخلصاً لذاتك وسيرتك المحترمة وسجلك النظيف وتنحاز للشعب الذي راهن عليك وانتظر دورك وما يزال؟.