إن للثورة - التي تمثل نبض الوطن اليمني- رئيساً واحداً لا ثانيَ له ولا ند؛ وإن على رئيس المبادرة أن يضع رئيس الثورة في الاعتبار عندما يريد أن يصدر أي قرار، بل يجعله في الاعتبار قبل صياغة القرار، فرئيس الثورة هو مصدر الشرعية، وهو من بيده القول بشرعية قرار رئيس المبادرة أو عدم شرعيته؛ وعندما يصدر الأخير قراراً يتناقض مع قيم الثورة - التي ضحى الشهداء بدمهم من أجلها - ولم يرض رئيس الثورة عن القرار؛ فإن على رئيس المبادرة التراجع فورا عن القرار دون ثمة تريث أو تراجع.
وإن القرار الذي أصدره الرئيس - أخيرا- قد صادر به حقا أصيلا من حقها ومن شأنه أن يجعل رئيس الثورة بلا استقرار؛ لأن قراره بتعيين جبران الباشا يتعارض مع قانون الثورة وقيمها فيخرم شرعيتها بل إنه يتناقض مع حقوق الإنسانية التي جعلتها زعامات ما قبل الثورة عرضة للنهب والمصادرة وأعلى هذه القيم مصادر هي الحرية؛ فالجميع قد سمع وعلم وبعضهم رأى رؤية العين "سجن غونتناموا العدين"، وبدلا من أن يرضي رئيسُ المبادرة رئيسَ الثورة بإصدار قرار جمهوري ينص على هدم "غونتناموا السجان"؛ إذ به يفاجأ رئيس الثورة ويصدر قراراً ينص على تعيين السجان في مكتب المحافظة وكيلاً على أموال الناس وحقوقهم فمتى يكون السجان وكيلا على أموال من سجنهم أيها الرئيس..
لا أحد يستطيع أن يقرأ دلالة مثل هذا القرار الذي أصدره عبد ربه؛ ليمنح من جديد "شهادة الميلاد" لمن قضى رئيس الثورة بحقهم أن يمنحوا شهادة وفاة!! إنه تناقض أشبه بتناقض الحياة والموت؛ فالثورة إنما قامت لتدفن "الموات" والذين جعلوا البلاد والعباد في الرمق الأخير أي "قبل الوفاة" في مقابر السياسة؛ لتعيد الحياة إلى وطننا من جديد، وشأن مثل هذه قرارات وتعيينات هو إلقاء جثث الأموات في طريق حياة الثورة حتى تعرقل مسيرها، وهذا لا يرضي رئيس الثورة ولا يرضي الأخيرة ربها.. الثورة.. التي انتفضت أو بعثت من مقابر الاستبداد وتفلتت من سجن قاهرها، إن رئيس الثورة لن يرضى أن تعود الثورة إلى قرون ما قبل الميلاد وتعيش عهود الذل والقهر من جديد وقد شرعت تسير في طريق يمن سعيد؛ لأن رئيسها - ورأسها ووعيها - قد أعلن عن ميلادها فهي إنما خلقت لتحيا وتجرف في طريقها الأموات؛ وإن من شأن هذه قارات أن تعيد الأحياء إلى مائدة الأموات وهذا أصبح في زمن التغيير من سابع المستحيلات.. إن من عينت أيها الرئيس كان يحبس الإنسان ليصبح في طي النسيان؛ فما بالك يا رئيس وقد أعطيته بتعيينك الترخيص، ليمارس ممعنا في ذلك الفعل الخسيس!!
دعوني أقول: إذا كان للمبادرة رئيس يمعن في قتل روح الثورة مستندا إلى آلياتها؛ فإن للثورة رئيسا يحميها ويبرئها من كل آفاتها؛ ويجعل كفلق الصبح مضيئة آياتها فلا تختبروا قوة ثورته قوتها وبأسها؛ فإجابتها جداً سريعة ومذهلة. فدعوا الثورة تمضي حيث تريد؛ ولا تثقلون عليها بالمزيد؛ فكلما أثقلتم كاهلها قوى سوقها، وكلما زدتم اتساع حفرتها زادت قدما قفزتها ، وكلما أثخنتم جروحها زادت اشتعالا نارها، وكلما أحرقتم رجالها زاد بريقا معدنها؛ احذروا من الثورة ولا تحاولوا الوقوف في طريقها؛ فإن لها رئيسا لا يجبر ولا يقهر.. لا يخشى غربكم ولا شرقكم، فغربوا كما تشاؤون وشرقوا متى وكيف تشاءون فكلما صنعتم ذلك كلما وطّن رئيس الثورة أقدامه ثباتا وزاد وعيه بالوطن والوطنية انتماء ..
عفوا "رئيس الثورة" اعتذر لك نيابة عن رئيس المبادرة؛ فما زال - ومن يملون عليه تلك القرارات - لا يقدرونك حق قدرك وما زالوا يجهلون سرك ويتغابون عن صنيع جهرك أنهم يتغابون عنك ومن تكون؛ لم يقرؤوا بأسك وقوتك أيها الرئيس وأنت تنهك قوى العابدين فما لبث أن صار من الهاربين؛ ولم يعتبروا بقوتك وقد رحلت القذافي من الحياة، لم ينتبهوا لجلدك وقد غيبت اللا مبارك في غياهب السجون؛ لم يقدروك وما زالوا يختبرونك وقد جعلت أحلام آل صالح منتهية الصلاحية؛ لم يعرفوا بأسك وأنت تقف وحيدا في سوريا ضد القوى العظمى مجتمعة وضد الأديان متعاضدة وضد البلدان المتعددة بعدتك المتواضعة.. هم يؤمنون بالقوة لكنهم لا يدركون معنى البأس.. فلا يملكون أمامك إلا أن يكونوا بائسين فلا تختبروا كثيرا رئيس ثورة اليمن، لا تغامروا بتجاربكم أمام اليمنيين وقد وصفهم القرآن نفسه بالقوة والبأس أنصحكم أن تضلوا هادئين متدثرين باليأس ولا تكونوا كالآلات تطيع طاعة عمياء دونما استشارات، فعلوا عقولكم ولو اختلاسا، فلم ينصبوا عليكم "الشارون" رقيب وعتيد حراسا؛ فلا تراهنوا على شعب عجزت قبضة العالم مجتمعة أن تصده أو ترده فلا تركنوا إلى الذين ظلموا فتقفوا ضد رئيس الثورة ورغبته حتى لا تأتي عليكم نار ثورته.