رغم صرخاتك التي صمت الآذان , وأناتك التي شقت الأبدان , وآهات نسائك التي مزقت الأجساد,و دموع أطفالك والثكلى والمفجوعين التي أغرقت الضمائر العربية ( المحنطة ) وأسقت دواخلهم ( القحط ) فنحن لم نسمعك ولن نسمعك..
ولن تتحرك سواكننا ولن تهز أركان عروبتنا المتهالكة التي ماتت حينما خذلنا قبلك المنكوبة ( فلسطين ) وتركناها تعاقر المآسي وتتجرع الألالم وتواجه آلة الحرب التي دكت المنازل وقتلت الأطفال ومارس المحتل فيها كل أنواع وطقوس القمع والاستبداد والتعذيب..
أعذرينا سوريا فنحن لا نسمعك مهما بلغ المك ومهما تعالت صيحاتك ففي آذاننا وقرا حال دون سماعك وعلى أعيننا غشاوة حالت دون رؤية دماء أطفالك ودمار منازلك وموت الحياة فيك, وتذكري أننا ما عدنا نملك مشاعر, وأننا حنطنا أحاسيسنا وبلدنا إنسانيتنا وأدخلناها في (سبات ) عميق إلى أجل غير مسمى..
حتى تلك العروبة التي نفاخر بها هي الأخرى مجرد أسم نتشدق به وننسبه لأنفسنا وهو بريء منا براءة الذئب من دم يوسف, بل انه يخجل ويزدري حينما يسمعنا نتسابق في نسبه لأنفسنا..
أعذرينا وأعلمي أنه قد كتب علينا الذل والمهانة والخنوع والخضوع وأننا ما عدنا نملك سوى الصمت المطبق والانسياق خلف الإملاءات وانتظار المصير الذي سيقرره لنا الآخرون دون أن نحرك ساكن أو ننطق ببنت شفة أو نرفض أيا من تلك الإملاءات المفروضة علينا والتي تطالبنا بالتخلي عن عروبتنا وإنسانيتنا وانتمائنا لأوطاننا التي لفظتنا وما عادت تطيق صمتنا وخنوعنا وذلنا..
نحن لا نسمعك ولن نسمعك لأننا لا نملك لك أية حلول أو مخارج من تلك المحن والمصائب والنكبات التي حلت بك والتشريد والهلاك الذي لحق بأهلك ونكل شعبك ونحن نقف موقف المتفرج فاغرين أفواهنا ربما نتلذذ وربما نتعجب أو نرقص طربا لما يحدث لهم ويعانونه ليل نهار في مخيمات النزوح ومدنهم وقراهم من خوف وقصف وتنكيل ورعب وإرهاب وجوع وفقر ومعاناة يندى منها الجبين..
أعذرينا فقد خذلنا قبلك الجريحة فلسطين وتركناها تعاقر المآسي والأحزان وتركنا شعبها يذوق أشد العذاب ومارس المحتل طقوس الاستبداد والاستعباد والتنكيل ولم يؤثر فينا ذلك رغم مشاهد الدمار والخراب والدماء التي كانت تسفك ليل نهار, وظلت على هذا الحال ولازالت,فكيف بالله سننصرك ونحن خذلنا جارتك من قبل ..
أعذرينا فلم يبقى منا سوى أشباه الرجال الذين لم يعد للرجولة فيهم أقل القليل أو للإنسانية أي وجود ..
فهد علي البرشاء
أعذرينا سوريا .. فلم يبقى سوى أشباه الرجال !! 1338