أنخرط اليمنيون في طقوس وعادات متوارثه منذ الزمن البعيد فإذا دخل عليهم شهر رمضان تركوا كل شيء جانباً وأعدوا العُدة لضيفهم ووضعوا له مذاقاً فريداً أول من نوعه عن بقية الشهور ، فشهر رمضان له روحانيات وقدسيات تنتشر في الجو بمجرد قرب حُلوله ، فالعبد المسلم يستشعر فضائل المولى تعالى عليه ويحرص على إسعاد نفسه دائماً بعيداً عن تلك الرذائل والممارسات السياسية الكيدية التي لا تسمن ولا تغنِ من جوع .
السياسة في رمضان ليس لها شَم ولا طعم ولا رائحه حيث يفضّل كل الصائمون دائماً أن يقفوا تحت مضلة التسامح والتراحم فيما بينهم وما أجمل لحظات الإخاء حين يجتمع الخصوم في الصفوف الأولى في صلاة التراويح ثم بعد ذلك يتبادلون كل معاني التسامح والتصالح ليزرعوا في الحياة بسمة أمل بعيداً عن التشاجر والمناكفات التي فرضها الواقع عليهم ..
فرمضان في حقيقته تطهير النفوس وتهذيب الأرواح وسلاحاً يقاوم به الصائم كل رذيلة باحثاً عن تلك الفضائل التي تقيه من الشر وأعـوانه وكشط الغَل والحِقد أيضاً يجعل الصائم يربح الفوز الذي أعده الرحمن إليه في دنياه وآخرته ..فدعائم الحق تستقر تحت راية الشريعة الإسلامية في هذا الشهر الفضيل ويسري الهدي في الوجود فيحوّل الصائمين من مجرى الشر والشقاء إلى سبيل الخير والسعادة والرضى .
إنه شهر الانتصارات الكبرى الذي تزدهر بصومه البواعث الإنسانية فتدفع البشر إلى السمو والرفعة ويُعرُج بهم إلى الكمال وتحقق لهم حياة راقيه وطاهرة تتجه نحو البِر والتكاتف والتعاطف فهنيئاً لكـم الشهر لتربحوا الفوز بجداره.
خليف بجاش الخليدي
شهر الانتصارات الكبرى 1537