;
محمد علي محسن
محمد علي محسن

المأساة في كونها ثورة شباب!! 2004

2013-07-17 06:27:59


وحدهم الشباب من يخوض معركة المستقبل، النخب البارزة المهيمنة على المشهد السياسي العربي للأسف هي نخب عتيقة محاربة في جبهة ماضوية ،الفارق شاسع وصادم، فالشباب الثائر منافح في سبيل حلمه وحريته وكرامته, بينما كهلة الثورة معركته ثأرية وغايتها الأساس أسقاط نظام وإحلال نظام.
ما نشاهده اليوم في مصر لم يكن هدفه فقط إسقاط حكم الرئيس مرسي وجماعة الإخوان؛ إنما هدفه إسقاط نظام قديم ليس بمقدوره أن يكون نظاما فتيا وثوريا وعصريا متخلقا من روح الفكرة المثالية الواقعية الثورية المتجسدة بالشباب الثائر المتطلع إلى غد اجمل وافضل مليون مرة من اليوم والأمس.
 طالما قلت بان آمال وأحلام الشباب أكبر من تستوعب من كهلة شاخت أفكارهم وعطبت عند تواريخ وحسابات ماضوية، اذكر أنني سطرت موضوعا وسميته "ثورة حديثة برأس قديم" وتزامن نشره مع صورة حديثة غير تلكم المألوفة لسنوات، وقتها اتصل بي أمين عام محافظة الضالع محمد العتابي مازحاً: قلنا أين ذهب رأسك القديم وبعدها حدثنا كيف صارت الثورة جنبيه برأس قديم؟.
من يظن أن المسألة مقتصرة على رئيس منتخب ويحظى بمشروعية مستمدة من قرابة 13مليون ناخب مصري وصناديق اقتراع شفافة ونزيهة؛ فيتوجب عليه العودة إلى ما قبل صعود نجم الإخوان أو أفوله، حتما سيجد أن الكثير من هذه الأصوات المناهضة الآن للرئيس مرسي في ميدان التحرير وسواه من ميادين مصر سبق لها منح ثقتها له في سباق الرئاسة.
 كما وهي ذاتها التي أطاحت بسلفه مبارك وهي نفسها الرافضة لحكم جنرالات المجلس العسكري، وهي ذاتها التي رفضت مبارحة ميدان التحرير حتى إعلان لجنة الانتخابات بفوز الرئيس مرسي وبعيد خطبته الشهيرة في حشود التحرير والتي حلف اليمين أمامها وفي لحظات سريالية نادرة الحدوث.
من أكبر الأخطاء المقترفة الآن هي اختزال ثورة مصر الثانية وكأنها موجهة فقط ضد حكم الإخوان المسلمين، أو أنها مجرد معركة محتدمة بين ساحتين واحدة في رابعة العدوية والأخرى في التحرير، أقلية متمسكة بشرعية رئيسها المنتخب الذي تم إقصاؤه ظلما وعدوانا ومن خلال انقلاب عسكري، أو أكثرية مناهضة له ومؤيدة وداعمة لقادة مجلس الإنقاذ مثل البرادعي وصبحي وموسى وسواهم من رموز المعارضة..
فمن انتخب الرئيس مرسي ليسوا فقط هؤلاء المرابطون في رابعة العدوية أو النهضة, فمثل هذا الكلام أعده طعنا وانتقاصا من شرعية يدعي بها انصار واتباع الرئيس المعزول، ففي كل الأحوال الرئيس لم يكن رئيسا خاصة بجماعة الإخوان وحلفائهم من الحركات الإسلامية المحتشدة في رابعة العدوية أو النهضة؛ وإنما الرئيس هنا يمثل ملايين من الشعب المصري وبمختلف أطيافه ومشاربه السياسية والثورية والدينية والمجتمعية.
تذكروا جيدا بان الشباب هم من اسقط مبارك وبن علي والقذافي وصالح، وعاجلا أم آجلا سيسقطون بشار وسواه من الحكام الطغاة، ولأن هذه الثورات نتاج حالة مزمنة من الاستئثار والفساد والتخلف والانغلاق والاستعباد والبطش والتضليل والامتهان والاحتقار ؛ فلقد كان لزاما لهذه الثورات أن يتصدرها الشباب باعتبارهم الفئة الأكبر حجما وضررا وحلما وتوقا للتغيير السياسي بكونه مفتاح شفرة لكل العملية المحبطة القاتلة لطاقتهم الهائلة المهدرة عبثا خارج سياقها الحضاري والإنساني.
لذا اعتقد انه وما لم يؤخذ بحسبان الأنظمة الجديدة بكونها تمثل في المقام الأول أكبر شريحة مجتمعية وثورية ؛ فأنها ستلقي مصير الرئيس مرسي الذي غفل حقيقة هذه الثورة أو أن الوقت لم يسعفه لتذكر هؤلاء الشباب الذين أتوا به من السجن إلى القصر، فالحال انه تذكرهم؛ ولكن بعد أن صاروا يهتفون برحيله.
أنها ذات المأساة التي وقع فيها الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي حين خطب خطبته الأخيرة قائلا: لقد فهمتكم أيها الشباب ، الآن فهمتكم " اطلق وعده بتوظيف الثائرين الغاضبين ؛ولكن بعد فوات الأوان، وبعد أن بات حكمه وقصره يردد صدى أصوات الجماهير المطالبة برحيله، الرئيس مرسي أراد خطب ود الشباب الثائر ولكن بعد أن باتت رئاسته محاصرة بثورة عارمة لا ينفع معها الوعود؛ بل الرحيل.
ليكن في علم الجميع أن ثورات الشباب لن تهمد بعيد مرسي أو سواه من رؤساء العهد الانتقالي، المسألة هنا لا تتعلق بشخوص وأحزاب وتيارات إسلامية أو علمانية؛ إنما المسألة لها صلة بحقبة وعهد جديد متخلق من تضحية وقربان ملايين الشباب الثائر لأجل كرامته وحريته ومعيشته ووطنه الذي يحلم به ويجب أن يعيش فيه بسلام ووئام واعتزاز.
نعم، فهذه الثورات اصلها ووقودها ومحركها طموحات وآمال أجيال متعاقبة من الشباب الثائر الباحث عن وطن آخر يعثر فيه على حياة لائقة بآدميته المنتهكة لقرون وعقود، وطن يعيش في سبيله الإنسان ومن اجل إعماره وتنميته وازدهاره، وطن يزهو ويفخر به أبناؤه وأين ذهبوا, لا وطن فاقد المعنى، أشبه بزنزانة كبيرة خانقة للأنفاس ، كاتمة للأحاسيس والمشاعر، قاتلة للأفكار والأفعال العظيمة والجميلة.
قلنا مرارا، وحذرنا كثيرا من مغبة التعامل مع ثورات الشباب وكأنها مجرد مطية للوصول إلى السلطة، فهذه الثورات ستبقي مشتعلة على أقل تقدير لبضعة عقود قابلة ، لن تخمد وبمجرد انتخاب رئيس من تيار علماني أو إسلامي، كما ولن تهمد ولمجرد انتخابات برلمانية أو رئاسية، فإذا كان الرئيس مرسي وتنظيمه وحلفائه الإسلاميين أولي القرابين التي ينبغي عقرها بقسوة وغلظة الآن؛ فمسلسل الإطاحة بالحكومات والرؤساء لن يتوقف على مدى السنوات القادمة..
فما من حاكم سيظل بمنأى عن العزل والسقوط بعد هذه الثورات، انظروا كم هي الحشود المؤيدة للسيسي والبرادعي وصباحي وعدلي محمود, وكم هي القنوات المغردة بسرب قوى الإنقاذ والجيش.. أرجو أن لا تندهشوا غدا حين ترون ثورات وقنوات مطالبة بسقوط حكم العسكر وبزوال رموز الليبرالية واليسارية, وما من علماني أو إسلامي أو حداثي سيبقي حاكما منزها محصنا بعيد هكذا ثورات!.
إننا إزاء صراع أجيال مختلفة وتتقاطع كليا في أفكارها وأحلامها ووسائلها وحتى ثوراتها، لننظر إلى حركة تمرد اليوم وقبلها حركة 6 أبريل، فالحركتان أعدهما عنوانا لمن أراد معرفة وزن الشباب في الثورة على مبارك أو مرسي, من سيخلف الاثنين بكل تأكيد لن يكون من الشباب؛ بل من كهلة الزمن القديم، هذا التضاد ما بين رعيل موغل ذهنيا وفكريا في معركة ماضوية وبين أجيال ثائرة حالمة محاربة لأجل المستقبل الجميل والمشرف، كفيل ببقاء وهج الثورات مشتعلا دون انطفاء ولو لسنون آتية.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد