إن التنمية الحقيقية ليست هي تنمية الموارد الطبيعية والمادية من أجل إشباع الرغبات والحاجيات وتحقيق رفاهية الثراء والغنى، بل التنمية الحقيقية هي التنمية البشرية التي تتخذ طابعين: طابعاً مادياً وطابعاً معنوياً.
ومن هنا ندرك أن التنمية الحقيقية هي التنمية البشرية المستدامة التي تهدف إلى تطوير قدرات الإنسان وتحريره من ربقة التخلف والجهل والأمراض والأوبئة والفقر عن طريق تحسين دخله السنوي وتوفير رعاية صحية جيدة وتعليم متطور يؤهله للتكيف مع الوضعيات المعقدة التي يجابهها في المجتمع الخارجي. ومن ثم، فالتنمية الحقيقية هي التي تستهدف الإنسان وسيلة وموضوعا، وتجعله أداة وهدفا.
كما يعني هذا أن التنمية الحالية لم تعد تنمية اقتصادية فحسب، بل هي تنمية بشرية وإنسانية متكاملة ومتوازنة وشاملة تتبنى العلم وتطوير التكنولوجيا، وتتسلح بالعقل والإرادة، وتتحرر من الأوهام الزائفة الموروثة لبناء مجتمع علمي معقلن ومتسامح.
ويسدد كثير من المفكرين على مدى أهمية حضور دور المجتمع المدني في العالم العربي إلى جانب عمل الحكومة عن طريق التدخل والمساعدة واقتراح المشاريع والحلول الصائبة والخطط الناجعة للخروج من الأزمات والمشاكل بصفة خاصة ومن آفة التخلف بصفة عامة.
خلافا لذلك يلاحظ أن المجتمع المدني في الغرب يقوم بما لا يمكن أن تقوم به الدولة، حيث يسعى جاهدا لخدمة الإنسان ماديا ومعنويا من أجل تحقيق الرفاهية المادية والإسعاد المعنوي والثقافي الكلي والشامل.
ونفهم من كل هذا – بحسب الكاتب العربي أيمن نسمان - أن التنمية البشرية هي التي تتوجه إلى الإنسان ويشارك فيها الإنسان، أي إن الإنسان يصبح في مفهوم التنمية هو المنفعل والفاعل والذات والموضوع والحاضر والمستقبل والإرادة والاختيار؛ لذا على جميع الطاقات البشرية أن تساهم في خدمة المجتمع المحلي والجهوي والوطني والقومي والإنساني قصد الحصول على السعادة المادية والعقلية والروحية فوق هذه الأرض المباركة.
وينبغي للناس حسب جورج قرم أن: "يشاركوا مشاركة تامة في القرارات والإجراءات التي تشكل حياتهم. وتبرز هنا بشكل خاص أهمية منظمات المجتمع المدني وإمكانية المحاسبة وتعديل المسار عند الضرورة. فالناس في التنمية ليسوا مجرد متلقين سلبيين بل هم عاملون فاعلون في تشكيلها".
إيمان سهيل
التنمية الحقيقية 2111