كثيراً ما نحس بقيمة الشيء عندما نشعر أنه بدأ ينسحب من بين أيدينا.. وها هو رمضان بدأ يحزم أمتعته.. مزمعا الرحيل.. ومثلما فرحنا بمجيئه وتشوقت قلوبنا فرحاً للقائه ها نحن يتعصرنا الألم وهو يفارقنا..
رمضان كان مدرسة اسمها التقوى يتعلم فيها المسلم دروس الصبر والعطاء والإخلاص وغيرها من الدروس التي تدرّس في مدرسة رمضان نسأل الله أن يعود علينا رمضان وقد تغير حالنا وحال بلادنا إلى أحسن حال وأن يعود وقد تجاوزنا أزماتنا السياسية واستقرت حياتنا ويعود وقد غادر الظلام بلادنا إلى غير رجعة وحل محله نور الكهرباء التي تمارس فينا هذه الأيام أنواع العذاب وتمثّل بأعصابنا.. حتى أني صرخت بالأمس:
ماذا جرى للكهرباء
حتى تنام إلى المساء
وتواصل النوم اللئيم
إلى الصباح بلا حياء
وأن يعود الماء يمارس عزفه ودندنته التي نحرم منها أحيانا لأكثر من شهرين,.... الخ تلك الأساسيات التي إذا حرمنا منها فماذا تبقى من الحياة غير الموت يترصدنا من كل جانب.
أخيرا أتمنى أن لا يعود رمضان إلاّ وقد انقشع دخان الوجع عن سماء بلادنا وزقزقت عصافير السعادة على أشجار. أحلامنا.. وعيدكم مبارك..
شرفة:
كما قلت في أول المقال إن الإنسان يشعر بقيمة الشيء عندما يحس أنه سيفارقه.. وبما أننا نودع شهر رمضان والألم يعتصرنا.. حاولت أن أصف شعوري وأشرككم مشاعري.. وهذه القصيدة أيضاهي ما يشبه الردّ على قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي
رمضان ولــّى هاتها يا ساقي..
مشتاقة تسعى إلى مشتاقِ
(( رمضـــــــــان ولـــــّــى ))
رمضان ولـّى هـاتِ يا أحـــداقـي
قـد كان يشدو فرحة بلقائه
شهرٌ أطلّ كنسمةٍ ريانةٍ
وبدا ضياءً في ظلام حياتنا
أيامه مرّت كحلم خاطف
يا روعة الأوقات في أيامه
ونهارنا فيه الصيام غذاؤنا
ونظل نرشف من معين ضيائه
قرآن ربي كان عطر لساننا
ها قد مضى وقلوبنا لمّا تزل
من ذا يعيد نسائما من روضه
رمضان إنّي قد وقفت مودعا
وعيوننا عند الوداع تساءلت
ربّاه شهر الصوم ولـّى راحلا
آمالنا أن قد غفرت ذنوبنا
فالقلب يصلـى فـي لظى الأشواقٍ
واليوم يبكي لوعة لفراقِ
تنساب شوقا في مدى أعماقي
وبشير خير في دُجــى الإملاق
أخذ القلوب لجنـــّة الخـــــــلاّق
فالليل صبحٌ رائع الإشــــــراق
ومتى ظمئنا كان نعم الساقي
وتحـّلق الأرواح في الآفاق
وشفا القلوب وجنـــّة المشتاق
عطشى لفيض ضيائه الدفاق
أو قطرةً من نوره الـــودّاق
والقلب يخفق والدموع سواقي
أيكون من بعد الفراق تلاقي
وعلى القلوب مهابة الإخفاق
ورحمتنا ومننت بالإعتاق
جلال الحزمي
رمضان ولى..!! 1547