إن للأحزاب السياسية أدواراً مدنية تقوم بها من أجل مصلحة الشعب, خاصة إذا كانت مؤسسات تبتغي خدمة الرعية والدفاع عن حقوقها والعمل على تحسين أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية..
ويعني هذا أن الأحزاب السياسية لا يمكن فصلها بتاتاً عن المجتمع المدني إذا كانت تخدم مصالح المواطنين وتنوب عنهم في المؤسسات التمثيلية كالمجالس البلدية والإقليمية والجهوية وعبر مؤسسة البرلمان في تبليغ حاجياتهم وتوصيل طلباتهم إلى السلطات الحاكمة إما عن طريق الاستشارة والحوار السلمي وإما عبر الضغط واستخدام قوة الإضراب وحشد الرأي العام.
وتأتي علاقة الأحزاب بالمنظمات المدنية, رغم أن هناك اختلافاً فكرياً حول الأحزاب السياسية ومدى انتمائها إلى المجتمع المدني.
إن جل المفكرين يتفقون على أن" النقابات والجمعيات الثقافية والحقوقية والأحزاب السياسية تشكل أهم مقومات المجتمع المدني".. وإذا كان انتماء النقابات والجمعيات المختلفة إلى المجتمع المدني لا يثير أي نقاش ولا اعتراض، فإن اعتبار الأحزاب السياسية أحد مكونات هذا المجتمع المدني، على العكس من ذلك، يثير الكثير من الأسئلة. ذلك أنه يجب أن نذكر بأنه لامجال للحديث عن مجتمع مدني داخل مجتمع معين إلا مقابل وجود هيئات وتنظيمات أخرى مختلفة.
من هنا يمكن القول بأن المجتمعات المعاصرة تتكون من ثلاثة مستويات: المستوى الأول يضم السلطة السياسية الحاكمة الممارسة لكل الصلاحيات التنفيذية والتشريعية المخولة لها من طرف الدستور أو القانون، والمستوى الثاني يتكون مما يمكن تسميته بالمجتمع السياسي الذي يضم النخبة السياسية المؤطرة داخل الأحزاب السياسية، والمستوى الثالث هو الذي يضم المجتمع المدني. وكل مستوى من هذه المستويات الثلاثة يقيم علاقات تقارب وتنافر مع المستويين الآخرين.
ومن ثم، يرفض الباحث المغربي الدكتور/ حسن قرنفل إدراج الأحزاب السياسية ضمن المجتمع المدني، لأن الأحزاب السياسية تنتمي إلى المجتمع السياسي وتمارس جميع الوسائل الشرعية وغير الشرعية للوصول إلى السلطة واحتكارها، وهذا يتنافى مع مقومات وأهداف المجتمع المدني الذي يعمل على خدمة الصالح العام في جو ديمقراطي شفاف ونزيه بعيداً عن الديماغوجية والاستغلال والانتهازية.
يقول حسن قرنفل في هذا الصدد:" وهكذا، وحسب هذا التصور، فإن الأحزاب السياسية لا تدخل في نطاق المجتمع المدني، بينما تعتبر النقابات إحدى دعائمه، وذلك ببساطة لكون النقابات وإن مارست السياسة في كثير من الأحيان في التوجهات السياسية العامة للبلاد وبقيامها بإضرابات ذات طابع سياسي، فإن الهدف من سلوكها ذلك ليس هو الوصول إلى السلطة السياسية، ولكن
التأثير عليها ومراقبتها".
ومهما اختلفنا في طبيعة الأحزاب السياسية، فكل من يساهم في خدمة الإنسان وكان ينطلق في توجهاته من منطلقات مستقلة عن ضغوطات السلطة الحاكمة والضغط العسكري فهو ينتمي إلى المجتمع المدني.
إيمان سهيل
الهدف الأساسي للأحزاب 1377