رغم الجراحات والآلام التي أصابت بعض الدول العربية وخاصة مصر العروبة قلب الأمة النابض والتي آلمتنا جميعاً وآلمت كل الضمائر الحية في الوطن العربي والعالم الإسلامي, بل وآلمت كل أحرار العالم نظراً لفظاعة الجرائم الهادفة إلى كسر إرادة هذه الشعوب والعودة بنا إلى المربع الأول.. فرغم كل ذلك إلا أنه يجب أن لا تنعكس علينا هذه الأحداث سلباً وأن لا تؤثر على بلادنا وأمنه واستقراره، بل إنه يجب علينا جميعاً كيمنيين أن نعمل مجتمعين على الاستفادة الإيجابية من هذه الأحداث، بأن يستشعر كل فرد وكل حزب وكل مكون, مهما كان صغيراً أو كبيراً, المسئولية الوطنية والتاريخية التي تحتم عليه تقديم المصلحة الوطنية على أي مصالح ضيقة، وأن نعمل جميعاً كفريق واحد لإخراج الوطن من محنته وأن لا يفكر أي طرف أنه سيتفرد بهذا الوطن من خلال إقصائه للأطراف الأخرى، بل يجب أن نقبل ببعضنا وفقاً لرؤية وطنية تؤمن بالمواطنة المتساوية وشراكة الجميع في هذا الوطن سواءً بسواء دون تمايز أو إقصاء، وأن تتسع صدورنا وعقولنا للاختلافات والتنوع ونجعل من هذه الاختلافات في الرؤى والتنوع في الأفكار والمناطق عامل تكامل وقوة لا عامل ضعف وفرقة..
وعلى أعضاء مؤتمر الحوار استشعار هذه المسئولية التاريخية الملقاة على عواتقهم بالخروج ببنود واضحة ومحددات صارمة يصاغ بموجبها عقد اجتماعي ودستور يرسم بموجبه مستقبل الوطن الواعد, يصون الحقوق والحريات ويضمن المواطنة المتساوية, يتجنب كل سلبيات الماضي وأخطائه، ويعبر عن الهوية الجامعة لكل أبناء الوطن، ووضع الضمانات اللازمة التي تضمن لكل أبناء الوطن ومناطقه بأن لا تعود سلبيات الماضي ولن يتحكم طرف بعينه أو قبيلة أو مذهب بمقدرات الأمة وإرادتها بعد اليوم بعيداً عن إرادة الشعب.
لتعلم كل الأحزاب والقوى والجماعات أن أي طرف تحدثه أحلامه وطموحه أن ينفرد بالقرار ويلتف على الإرادة الجامعة للأمة فإنه يحفر قبره بيده ويصنع نهايته ومصيره الكارثي بأنانيته التي لا ترى الوطن إلا من خلال نظرتها القصيرة ومشروعها الصغير، فاليمن له خصوصياته التي تميزه عن كثير من الأقطار العربية وتجعل من الاستحالة بمكان تفرد أي طرف بالقرار مهما كانت قوته وإمكاناته..
كفى وطننا آلاماً ومعاناة ولنقل للمتاجرين بقضاياه داخلياً وخارجياً إن لم تنتهوا عن ذلك وتتوبوا عن سلوككم الشاذ فإن التاريخ سيلعنكم وإن الشعب سيعاقبكم عاجلاً أم آجلاً.. فالوطن يتسع للجميع إذا اتسعت العقول واستيقظت الضمائر ولله در القائل:
لعمرك ما ضاق الفضاء بأهله .. ولكن أحلام الرجال تضيق.
حفظ الله وطنناً عزيزاً حراً موحداً وجنب شعبناً كل الفتن ما ظهر منها وما بطن.. وخذل أعداءه.
محمد مقبل الحميري
لننطلق من الهم الوطني 1685