كنت قد (راهنت) في مقال سابق على أن كهرباء لودر في هذا العام لن تخذلنا, ولن تعرض علينا مسلسلها الشهير (طفي لصي) الذي كانت تجبرنا على متابعة أحداثه المملة دون أن يكون أمامنا خيار آخر للخلاص منه..
ورهاني لم يأت من فراغ, فمحطة الكهرباء التي دُمرت كليا في الحرب الضروس التي شهدتها المنطقة قد استبدلت وحل مكانها أخرى ذات جودة عالية ومواصفات عالمية لتتحقق وتتأكد من صحة المقولة الشائعة (رب ضارة نافعة), ولم يعد هناك مجال للكذب والدجل والافتراء على محطة الكهرباء وعلى عدم قدرتها على العمل وتغطيتها لمديريات المنطقة الوسطى التي تعتبر, أي الكهرباء, الشريان الحيوي المغذي الوحيد للطاقة الكهربائية فيها..
ولم يعد هناك أيضاً مجال لعرض مسلسلها الشهير الذي سئمنا من متابعته طوال السنوات الماضية, ولا حجة تبرر للبعض ممن يتلذذون في عملية الانقطاع المتواصل والمتكرر أن يمارسوا طقوس عاداتهم السيئة وأن يصفوا حساباتهم وأحقادهم وشرورهم مع الآخرين من خلال قطع التيار الكهربائي..
فكل شيء بات واضحً وتيقن الكل وأدرك أن الكهرباء بكامل جاهزيتها وقدرتها التشغيلية والعقلية إلا أن كان هناك ظروف قاهرة وعصية تستدعي أن تأخذ الكهرباء قسطاً من الراحة ليتجدد نشاطها ولتبدأ عملها بوتيرة عالية وطاقة متجدد تضمن لها أطول عمر ممكن, وهذه الظروف القاهرة نادراً ما تحدث والتي لا تتعدى الأمطار والأعاصير الهوجاء أو حتى المشاكل الفنية والهندسية وهذه كلها لن تأخذ وقت طويل لمعالجتها وفك (طلاسمها) إن كانت هناك نوايا صادقة وجادة من قبل القائمين عليها في إصلاحها وإعادة الحياة إلى (مولداتها) التي تشتهي أن تلامس أحشائها الشحنات الكهربائية المتصارعة دوماً في خطوط الإمداد..
بيد أن قد خسرت رهاني وخابت كل توقعاتي وظنوني وحتى ما حدثتني به نفسي الأمارة بالسوء وبت أتوارى خجلا من القوم من إطرائي ومدحي وتمجيدي للكهرباء وقولي فيها مالم يقله (مالك في الخمر) ولا حتى قيس في معشوقته (ليلى),فعادت حليمة لعادتها القديمة وعدنا وعلى استحياء لمشاهدة مسلسلنا ونديما الأزلي, ولكن هذه المرة بصورة مقرفة ومقززة بل وبشكل فاق حدود المعقول والمسموح به في عرف الاستفزاز وحرق الأعصاب..
حتى تأكدت, بل وتيقنت بعد هذا كله, أن (لعنة) السيد (كلفوت) التي أتت على أبراج الكهرباء في مأرب قد حلت بكهرباء لودر وأنها لن تذرها حتى تتركها كالرميم ولن نهنأ بالكهرباء أبداً طالما واللعنة تجول فيها وتصر أن تدمرها وتوقف نشاطها..
وازداد شكي ويقيني بأن لعنة (كلفوت) لم تحل بالكهرباء منفردة, بل صاحبتها (عين حاسد) لا يريد لنا أن نهنأ بالنعمة التي أنعم الله علينا بها واختصنا دون غيرنا, حتى شد البعض رحالهم صوب مدينتنا لينعم بما ننعم به نحن بعد أن حل البلاء والمشاكل بمعظم محطات الكهرباء في ربوع الوطن وعواصم المدن, وتلك العين أصابت الكهرباء (بمقتل) فأوقفتها عن الحركة وأصابتها بنوع من (الهلوسة) وأخلت كثيراً بنظامها التشغيلي وجعلتها تترنح فتصحو تارة وتغفو أخرى..
حتى إنها ومن شدة تأثير عين الحاسد باتت لا تستقر على قرار ولا يهدأ لها بال لا في الليل ولا في النهار, فتنقطع في الساعة الواحدة أكثر من (ثلاثين) مرة وفي أحياناً كثيرة أكثر من ذلك بكثير, حتى أصيب المواطن بنوع من السأم والضجر والضيق لما آلت إليه الكهرباء, ناهيك عن الأجهزة التي (فارقت) الحياة جراء الصدمات المتكررة في الدقيقة الواحدة.. مما أجبر بعض الخيرين على فكرة تحصين الكهرباء من الشياطين والحاسدين ببعض الأمور الوقائية والعلاجية التي يأملون أن تؤتي ثمارها وتعيد الكهرباء لماضيها وسابق عهدها.
فهد علي البرشاء
كهرباء لودر.. لعنة كلفوت أم عين حاسد؟ 1383