المهمش هو الذي يعيش بعيداً عن الانتماء الوطني أي الذي يقبع في هامش الوطن، وهناك آخرون كثيرون يعيشون في قلب الوطن وفي كبيده وفي عينيه؛ فهناك وطن متسع بيد أن له هامش يستذل في المهمشين. وهذا يعني أننا إذا طرقنا جانب المهمشين المشار إليهم في التحديد السابق فإننا نتحدث عن وجود وطن مثالي مكتمل السمات والخصائص؛ حيث لم يبق فيه إلا مشكلة واحدة وهي فئة صغيرة من الشعب تعيش في الهامش ويتطلب منا زحزحتهم من الهامش إلى فسيح الوطن، حيث يمكنه التنفس وإذا أمكن ننتشله إلى قلب الوطن إن استطعنا؛ ومن زحزح عن هامش الوطن إلى الوطن فقد فاز بالوطنية أو الانتماء الفعلي للوطن.
إذا أن المكان أو السياق الذي يُبحث فيه عن قضايا المهمشين تنبني على هذا البحث مسلمة مفادها: أننا في وطن مثالي تتوافر فيه كل صفات المواطنة المثالية في جوانبها الأمنية والاقتصادية والسياسية وطن يشعر فيه المواطنون بوطنيته وانتمائه وحبه مطمئن إلى الحقوق الإنسانية الضرورية والكمالية, فإذا ما وجد وطن بهذه الإمكانيات من الضروريات والكماليات؛ إذ لا يعني الاهتمام بالهامش إلا وجود المثالية في الأصل.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل يوجد لنا صفحة أنيقة ومتسعة حتى يكون لها هامش؟, والسؤال بصيغة أخرى: هل يوجد لنا وطن حتى نشرع في الحديث عن هامشه ؟.
يؤسفني أن أقول إن سياق المكان الذي نقيم فيه قد سبقتنا فيه قيامتنا؛ فل يكاد يكون هامشاً لأوطان أخرى من العالم الثالث, أما إذا قارنا مكان إقامتنا بالدول المتحضرة فهو أشبه بمقبرة الموتى.
إذاً تعالوا بنا نبحث لنا عن وطن أولاً, وطن يتسع للجميع ويأمن فيه الجميع وينعم فيه الجميع, فنحن قوم بلا وطن وبلا دولة وبلا هامش, فبالله عليكم دلوني كيف نبحث أو نناقش قضايا المهمشين ونحن لا نجد ذلك الهامش الذي يفترض أن نجدهم فيه ونحن لم نجد أنفسنا كشعب وكدولة وكوطن, فاليمنيون تنخلع عليهم مفردة مهشمين, وهل يفترض بالمهشم أن يرمم التهشيم أم يبحث عن التهميش؟.
إن من لا يملك وطناً لا يملك هامشاً ومن لا يستطيع أن يجد نفسه لا يستطيع أن يبحث عن غيره, فالبئر المعطلة لا يرجى منها الماء وفاقد الشيء لا يعطيه.. إن مثل من يبحث عن المهمشين وحل قضاياهم مثل من يفكر في شراء أثاث البيت وهو أصلاً لا يمتلك حتى الأرضية التي يبني عليها البيت, فكيف نبحث عن مشاكل المهمشين في سياق تهمش, بل تنهش وتستلب, فيه حياة الطيارين؛ نبحث عن قضايا المهمشين في سياق يهمش فيه الأكاديميون والأطباء والمهندسون.. اللهم خذ بأيدي المهشمين والمهمشين آمين.
د.حسن شمسان
المهشمون أولاً أم المهمشون؟ 1309