إننا في زمن متسارع التغيرات، بل ونحن قادمون على متغيرات ستفرض التغيير، ومن لم يتغير سيتغبر، ومن لم يتقدم يتقادم، هل يستطيع اليوم أي نظام دكتاتوري أن يمارس الإرهاب والقتل والسجن بعيداً عن أنظار العالم؟.. اليوم مثلاً ظهور المواطن الصحفي بموازاة دوائر التوجيه المعنوي، ومواقع التواصل الاجتماعي بموازاة وزارات: الإعلام وكاميرا الموبائل بمقابل شاشة التلفزيون الرسمي، وهذه الظواهر غيرت قواعد الاشتباك وأفقدت النظام العربي المستبد المتخلف قدرته على الاستمرار والصمود، بل أفقدته قدرته على تبرير شرعيته، وتبرير وجوده.. صحيح أننافي العالم العربي قد تأخرنا عن الانخراط في العالم الجديد، بثوراتنا، وتحولاتنا، وانعطافاتنا، سواء في الحقوق الإنسانية أو الحريات العامة، أو المدنية وغياب الدولة المدنية وتأخرنا بالتقنيات العلمية و المعرفية والثقافية، وقد سبقتنا أكثر المجتمعات، والمطلوب اليوم منامنا أن نستدرك الآن ما فات، وهذا غير ممكن مالم تنجز الشعوب العربية ثوراتها، ولن تنجز شعوبنا ثوراتها إلا إذا تحلت وتمثلت بشروط كثيرة أذكر بأهمها الأول: خلع عباءة الأيديولوجيات والتخلص من التعصب والاشتغال ببناء مجتمعاتنا لتكون غنية بإنتاجها، قوية باقتصادها، ديمقراطية بحكوماتها، سلمية بتوجهها مزدهرة بإنجازاتها الحضارية, الثاني: كسر احتكار عقلية النخبة أياً كانت وبأي مسمي والانتقال إلى المجتمع التداولي، حيث كل الناس هم فاعلون ومشاركون في أعمال التغير والبناء والإنماء، كل من موقعه وبأدوات اختصاصه وإبداعاته في مجال عمله, ثالثا: كسر العقليات الأبوية المركزية الفوقية التي هي سبب مانحن فيه من تأخر و الانتقال إلى عصر الشبكات الآنية والكتب الرقمية والمعلومات العابرة والسيالة، حيث تدار الشئون بعقل أفقي، تواصلي، تبادلي, الرابع: التخلي عن منطق العنف والإرهاب للعمل على تغيير الأوضاع وتحسين الأحوال، بأساليب ووسائل سلمية، مدنية، تواصلية.
والميل إلى السلم يقوى يوماً بعد يوم على وقع الأزمات وان نقوى قيم التقوى والتواضع والاعتراف بالأخر والزهد وسواها من القيم والقواعد التي تحتاج إلى مراس ذاتي من المحاسبة والنقد والوعي المضاد بالذات، للتصدي لمظاهر البربرية المعاصرة.. والله الموفق.
محمد سيف عبدالله
شروط لإنجاح الثورات ومواكبة المتغيرات! 1170