كلما اتصلت على صديقي للتطمين وللسؤال عن وظيفته التي تقدّم بها في بعض المرافق الحكومية, أقف للاتصال متعجباً, لا سيما عندما يرد عليَ بقوله (لا مجال لمقابلة المدير أيها الشقيق)!..
فمنذ اليوم الأولى قال لي ظهراً بأن المدير غادر المكتب وربما لم يعُد، وفي اليوم الثاني قال لي عصراً بأن لديه دعوة لحضور حفل زفاف أحد أقاربه ومن الصعب مقابلته، وفي اليوم الثالث صباحاً قال لي بأن رجل الأمن الصامد على البوابة الرئيسية لم يأذن لي بالدخول, لكون المدير العام يتناول وجبة الإفطار حسب قوله، أما في اليوم الرابعة مساءً كان صديقي المغلوب هاتفه المحمول مُغلقاً أو خارج نطاق الخدمة, فظننت بأنه تم الاعتداء عليه وسقط في حالة إغمـاء, لم أكشف عن حقيقة أخباره بعد!.
ومن هذا التناول العجيب الذي يحدث في بعض المرافق أقول للسادة الكرام إن النزاهة هي سر الحكمة وعنوان العمل النزيه التي تنهض بالوطن وتبعث في الشعب الحياة!.. من المؤسف أن نرى عدم الاهتمام والنزاهة في القول والفعل والعمل وعدم تقبُل الآخرين أحياناً وفي الوقت ذاته يقع المتقدم في فخ اللا مسؤولية دون أن يعي بوجود نظام يرتبط به ويفخر بوجوده، فكم هناك من شيخ قبلي أو مسؤول إداري في بعض المدارس والمعاهد والمستشفيات والجامعات وغيرها يعتقد شخصياً بأنه الكفاءة الكبيرة فقط وينظر إلى من حوله من الضعفاء بنظرة الاستخفاف والازدراء دون أن يعي مسؤوليته الكبرى التي يحملها على عاتقه.
أين هي تلك القلوب الواعية والقلوب الصافية التي تضع الأمور في نصابها الصحيح؟.. فلا جَرَم إذن من القول أن الإدارة والمسؤولية فيها الحياة وفيها الممات أيضاً للوطن، هي رُقي إنساني لا يضاهيه عمل ولو تأملنا إلى الحضارة والتقدم والنماء لوجدنا بأن الإنسان هو من يبعثها عندما يكون نزيهاً ومخلصـاً في عمله.
ليس من الصعب إذن على من يحملون المسؤولية أن يتجنبوا السلبيات التي تعمل على إعاقة التقدم ولذلك حرصاً على سلامة الوطن عليهم مراقبة المولى تبارك وتعالى, فهو رقيبهم بكل عمل يقومون به، دون الرجوع إلى مصالح شخصية تجعل المجتمع يصرخ برحيلهم من مناصبهم العليا, وبالتالي ستجد من يقول فيهم غاضباً كفاكم قعوداً على عُلُّو جبل مليء بالظلم والرشوة وأكل الحقوق المشروعة بحق آبائكم وإخوانكم..
عليك يا سيدي أن تجعل مع الشيطان هُدنة حتى لا تتجنب المصائب، بل اعلن الحرب ضد ماضيك الممتلئ بعدم النزاهة في العمل، خذ خطوة في الحياة تجاه النقاء، واطلب غفراناً من رب الأرض والسماء لتمنحنا حياة جديدة مليئة بحب الخير للوطن الذي ما يزال ينتظر خُطاك نحو التقدُم ليشهد لك التاريخ يوماً بعملك السديد وقولك الرشيد.. (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته).
خليف بجاش الخليدي
المسؤول والمدير المشغول 1271