محاولة اغتيال وزير الداخلية المصري (محمد إبراهيم) يوم الخميس 5/9/ له أبعاده ودلالته في توقيت يُلفت الانتباه ويجعل الواقعة محل نظر وشكوك واشتباه وهو ما يعني أن لذلك أبعاده ودلالته من قبل مخططيه ومدبريه وكذا منفذيه.. وأين ذلك؟, في مصر التي تعيش هذه الأيام ظروفاً استثنائية في ظل دولة بوليسية عسكرية وفوضى وارتباك ومسيرات ومظاهرات سلمية وذلك بعد انقلاب السيسي ورفاقه عسكريا على الرئيس الشرعي (د/ محمد مرسي).
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تم التوقيت للاغتيال في اليوم السابق على جمعة (الشعب يقود ثورته) التي شهدت مظاهرات ومسيرات مليونية تجوب شوارع جميع محافظات مصر والقصور الرئاسية منددة بالانقلاب وداعية لعودة الشرعية؟.. ألم تكن هذه العملية فبركة من السيسي ووزير الداخلية ومخابرات أمن الدولة بقصد توجيه ضربة قوية واعتقالات واسعة وقتل للمتظاهرين السلميين تحت زعم محاربة الإرهاب الذي عرف الشعب المصري والمشاهد العربي والمجتمع الدولي مصدره أنه نابع من بين الانقلابيين وبأوامر علنية منهم بناء على طلب من السيسي لتفويضه بقتل الشعب المصري المناهض للانقلاب؟.. إذن فمن سيجرؤُ على محاولة الاغتيال والدفاع عن النفس بعد أن قام وزيرا الداخلية والدفاع بإنزال جميع الآلات والمعدات العسكرية إلى الشوارع وقاما بفض اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة وقتلا واعتقلا الآلاف؟, فمن سيقوم بالاغتيال المتظاهرون السلميون العزل من السلاح أم الانقلابيين الذين اغتصبوا الحكم بالقوة وبيدهم سلاح البر والبحر والجو؟.
الإجابة على هذه التساؤلات سهلة وميسرة لدى القارئ الكريم, لاسيما وأن شوارع مصر مليئة بالمدرعات والجيش والشرطة لحماية الانقلابين والبلطجية, فبعيد كل البعد أن تقع مثل هذه الحادثة وإن صحت فلما لا تكون مفبركة من قبل الانقلابيين بقصد إلصاقها بالإخوان وزيادة القبضة الأمنية الحديدية ضد مناهضي الانقلاب وبقصد تمديد حالة الطوارئ وعسكرة الدولة التي جعلت مصر سجناً لشعبها تحت مسمى الظروف الاستثنائية.
والظاهر أن الانقلابيين لم يكتفوا بعزل الرئيس الشرعي وحبسه وإلصاق التهم الكاذبة الفاشلة ضده وضد قيادة الإخوان وإلغاء جميع السلطات الشرعية المنتخبة بما في ذلك إلغاء الدستور المستفتى عليه من الشعب, لكنهم ما زالوا يحيكون الفتن والدسائس والمؤامرات ويفتعلون الأحداث والجرائم من اجل إلصاقها بقيادة الإخوان وأعضاء حزب الحرية والعدالة والتحالف الوطني الداعم للشرعية.. فمن سيكون المتهم في هذه المسرحيات المفبركة المرشد العام (بديع) أم نائبه (خيرت الشاطر) أم الدكتور (البلتاجي) أم غيرهم من قيادات الإخوان, فالكل يعرف أن جميعهم بالسجن لا لذنب اقترفوه وإنما لأنهم قادوا مظاهرات ومسيرات واعتصامات سلمية لاستعادة الشرعية.
والمعلوم أن وزير الداخلية يمشي بموكب كبير وسيارات مضادة للرصاص وبمدرعات تسير في الأمام والخلف ويمر أمام الموكب سيارات (أوبل) تُبعد كل من يكون في الطريق من سيارات ومارة, فقد ظهر وزير الداخلية عقب الحادث يتكلم وليس عليه أي أثر لخوف أو فزع أو قلق أو اضطراب, ظهر وكأنه في حفل (كرنفالي) أو عيد ميلاد وليس في حادث محاولة اغتياله, الأمر الذي جعل ما حدث فبركة قام بها ليعطي لنفسه الحق في إحكام القبضة البوليسية كي يقوم بمنع المظاهرات اليوم الثاني (الجمعة) وما بعدها, بل وقتل المتظاهرين وإسكات كل ثائر مصري حر يطالب بعودة الشرعية والعدالة الاجتماعية.. ولو فرضنا جدلاً حصول الحادثة فلما لا تكون بين أجنحة متصارعة داخل حكومة الانقلاب, حيث انه قد ظهر الكثيرون من الليبراليين واليساريين وغيرهم ينددون بالقبضة البوليسية وعسكرة الدولة التي ما كانوا يتوقعونها!.
إن المتظاهرين السلميين اليوم وكل يوم يجوبون الشوارع المصرية وهم خليط من جميع المكونات السياسية بما فيهم الإخوان وتخلو هذه المظاهرات من قيادة الإخوان الذين أودعوا السجون.. وما يُستنتج من واقعة محاولة الاغتيال أنها كاذبة تهدف إلى ما أشرنا إليه سلفاً.. وهنا يجب أن يدرك الانقلابيون أن الشعوب أصبحت واعية ولم يعد ينطلي عليها مثل ذلك, وهذا تنبيه حتى لا تتكرر مثل هذه المسرحية.
أحمد محمد نعمان
من وراء مُحَاوَلَةُ اغتيال وَزِيْرِ الدَاخِلِيَةِ المَصْرٍي؟ 1205