إن العلاقة بين المجتمع المدني والعمل الديمقراطي وتحقيق التنمية تبدو علاقة تلازم لا انفصام بين أطرافها؛ إذ لا يمكن للمجتمع المدني أن يشتغل إلا في مجتمع ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان ويعمل على تثبيتها وتكريسها في جميع المجالات والأصعدة والمستويات.
ويقصد بالمجتمع المدني مجموعة من التنظيمات الأهلية والشعبية المستقلة عن الدولة والحكومة والأفراد، تتكون من هيئات اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية وإيكولوجية ودينية، تدافع عن مصالح الشعب المشتركة ومصالح الأمة والإنسانية قاطبة.. وتسعى كذلك لخدمة أهداف المجتمع الأهلي مادياً ومعنوياً من أجل الرفع من مستوى التجمعات البشرية وتحقيق حاجياتها وإشباع رغباتها وتوفير الرفاهية المطلوبة والتنمية المستدامة.
ويقوم المجتمع المدني على الحرية والاستقلالية والفعل التطوعي والتسامح وخدمة الإنسان ودمقرطة العمل والعمل في إطار فرق مشاركة والاعتماد على التعاون الجماعي والمزاوجة بين النظرية والممارسة وبين القول والفعل مع الانطلاق من الأهداف الإنسانية النبيلة من أجل تحصيل تنمية بشرية مستدامة مبدعة وفعالة.
ومن مقومات المجتمع المدني الاستقلالية عن كل الضغوطات الخارجية الرسمية أو شبه الرسمية والتخصص في الأعمال والمشاريع التي تنفع المجتمع البشري بصفة خاصة والمجتمع الإنساني بصفة عامة، واحترام الشرعية القانونية والتنظيمية للجمعيات والهيئات المدنية.. أي لا يمكن لجمعية أو هيئة أو منظمة مدنية أن تشتغل إلا في ضوء القانون واحترام مبادئ الدستور وكل القوانين المنظمة لمؤسسات الدولة، لكي لا يستغلها ضعفاء النفوس لتمرير أهوائهم الإيديولوجية وارتكاب الأفعال المشينة التي تضر بالمصلحة العليا للدولة أو بمصلحة الشعب أو بمصالح الأعضاء الذين ينتمون إلى هذه المؤسسات غير الحكومية.
ومن المقومات الأخرى للمجتمع المدني التطوعية والاختيار الحر، ويعني هذا أن خدمة المجتمع مبني على المساهمة الحرة والفعل التطوعي دون إلزام وإجبار.. ويكون الالتزام بالواجب والاستجابة للضمير الإنساني والمواطنة الحقة والشعور بالأواصر القومية والإنسانية من المحفزات الأساسية للمشاركة في التجمعات المدنية.. ومن المقومات الأخرى لهذا المجتمع نستحضر تكامل المجتمع المدني مع الدولة عن طريق البحث والتحقيق وتقديم الاقتراحات والاستشارة وإعلان الاحتجاج البناء والنقد الهادف أو المساهمة في التغيير البديل والبناء الفعال لصالح الإنسان مع تحقيق التنمية الشاملة.
إيمان سهيل
المجتمع المدني والتنمية رتق لا ينفصم 1222