لاشك أن ذلك الحال الانحطاطي للأمة، سوغ إلى حد كبير قبول التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي، ومسخ فكرة الثورة في الوجدان الجماهيري، فعمت في ضوء ذلك الفوضى الخلاقة، متزامنة مع حالة النكوص الشعبي، والإحباط الجماهيري، والانكفاء المرير على الذات..
لقد تجسد كل ذلك في مخيلة الوعي الشعبي بمعاناة مضاعفة، اختلطت فيها العناصر السلبية من التراجع، بالإيجابية من الأحلام الوطنية، والتطلع القومي، الأمر الذي ترتب عليه التباس في الوعي، واضطراب في النظرة إلى التداعيات، أدى بالمحصلة إلى تراكم كل تلك المضاعفات السلبية التي زادت الحال سوءا..
فحينما عجزت الانتفاضات الشعبية في اطار جملة من التحديات، عن طرح بديل التغيير الثوري الفعال للدكتاتوريات البائدة التي انتفضت عليها في اللحظة، وأخفقت في تقديم برنامج عمل متكامل لمواجهة متطلبات المرحلة الانتقالية، فقد أشاعت شعورا بالإحباط العام في أوساط جمهور الثورات كما يفيد الكاتب العربي نايف عبوش..
كان هذا الإحباط نتيجة تداعيات حالة الانحدار القومي، وتراجع مشاعر الانتماء العروبي، وضمور الحس الوطني، الذي تزامن مع الحملة الإعلامية الغربية الصهيونية الواسعة لتضليل الرأي العام العربي، وخلخلة قناعاته، بقصد شيطنة القيم الوطنية، وتسفيه الانتماء القومي، ومسخ المعتقدات الدينية، في محاولة شريرة للترويض، وفرض واقع من الإحباط والقنوط بين جمهور تلك الثورات، لكي يختلط الأمر عليه في تشكيل الوعي، بما يسهل تحييده، ودفعه إلى العزلة السلبية، واللامبالاة، التي تمنعه من التفاعل الإيجابي مع قضايا الأمة في أي حراك يستهدف تغيير الحال نحو الأحسن.
إيمان سهيل
مسخ فكرة الثورة 1197