كان يمكن أن يكون للقطاع الخاص دور رائد في بناء المرافق العامة التعليمية وعلى وجه الخصوص في مجال التعليم العالي, إلا أن التخلف الإداري المسيطر على المرافق العامة سواء في بناء هيكلها الأكاديمي والإداري أو في أسلوب ممارسة النشاط الإداري فيها, والكيفية التي يتم الاعتماد عليها في تقديم الخدمة العامة الملزم قانوناً بتقديمها والمحددة في ميثاق إنشائه,
يقف حائلاً ومانعاً صلباً لا يمكن تجاوزه في تحقيق هذه الريادة أو حتى مجرد إمكانية الانتفاع من مميزات هذا القطاع في مجال بناء المرافق العامة التعليمية أو تعويض النقص الذي عجز القطاع العام عن تحقيقه في بناء هذا النوع من المرافق ..
ذلك أن هناك أساليب محددة في القانون والفقه الإداري للتعاون بين إدارة المرافق العامة التعليمية والقطاع الخاص والخروج عنها يشكل تجاوزاً قانونياً سيترتب عليه مخالفات قانونيه وماليه جسيمة, بالإضافة إلي ما يترتب على التعاون بين الطرفين في ظل عامل التخلف الإداري المسيطر على بناء هذه المرافق وأسلوب إدارتها من آثار على حقوق العاملين فيها والمنتفعين من الخدمات العامة التي نقدمها للجمهور, والتي من أهمها:
1- مخالفة أساليب اختيار المتعاقد مع الإدارة المحددة في قانون المناقصات والمزايدات.
2- بناء علاقات نفعية مع بعض التجار أو المقاولين خارج نطاق القانون.
3- إن هذا الأسلوب المتبع في إدارة مرفق جامعة تعز والمعتمد بشكل كبير على القطاع الخاص ليس غريباً عن الجامعة, فهو قديم منذ تاريخ انتشائها, إلا انه يعود إلينا اليوم بشكل أكثر شراسة متغطياً برداء الرأسمالية المتوحشة التي أصبحت اليوم لا منافس لها في إدارة النظام الاقتصاد العالمي المعاصر, بما في ذلك من آثار خطيرة على بناء الجيل القادم.. لعل من أهم هذه الآثار:
أ- سيطرة الرأسمالية على أهم المرافق العامة في المحافظة.
ب- تقليص دور الطبقة الوسطى التي لا علاقة لها بالرأسمالية بعد أن أصبحت أحد ضحاياه وهي من أشعلت ثورات الربيع ضدها وما جلبت إليها من آثار خطيرة, سواء من القائمين عليها أو من الطلاب الذين يستفيدون من الخدمة العامة التي تقدمها الجامعة.
جـ- القضاء على القيم الاجتماعية التي ترعاها الجامعة وتمثل مصدر إشعاع لنشرها ليس في المحافظة فقط, بل في الوطن والعالم كله بعد أن وصلنا إلى وسائل التكنولوجيا المتطورة واستبدالها بقيم رأسماليه مادية لا علاقة لها بالعلم والعلماء ولا صلة لها بالثقافة وعاصمة الثورة اليمنية.
د- مهما حاولت الرأسمالية أن تتجمل لإخفاء وجهها القبيح وتختفي وراء مصطلحات حديثة لتخفي آثاراً خطيرة, ومهما حاول الدعاة إليها ومناصروها إبراز مميزاتها, فهي في حقيقتها تجلب الدمار لأبناء الطبقة الوسطى سواء على المستوى المادي أو النفسي, لأن متطلبات تطبيقها على أرض الواقع غالية الثمن وليست في متناول أبناء هذه الطبقة, كما أن استدعائها إلى مرفق عام تعليمي بحجم جامعة تعز فيه دمار لقيم اجتماعية وثقافة برمتها وتجاهل لمبادئ دستورية عليا وقواعد دستورية وقانونية.
د. ضياء العبسي
دور القطاع الخاص في بناء المرافق العامة التعليمية 1751