(1)
لا أحد يمكنه التنبؤ بما ستؤول إليه الأوضاع في هذا البلد الذي يحتضر ويكاد المشهد اليمني وبصريح العبارة أن ينزلق إلى منزلق خطير يصعب السيطرة عليه وإعادته على الأقل إلى المربع الآمن الذي كان عليه سابقاً.. فما يحدث اليوم صراع مشاريع مستميت على الأرض, فلم يعد هناك من تسمية يمكننا أن نطلقها على ما يجري في البلاد سوى صراع مشاريع مخيفة تتصادم مع بعضها البعض وبصورة باتت مكشوفة وواضحة للعيان وكل لحظة تمر تبدو أخطر من سابقاتها, ونزعم أن جميع القوى تدرك حقيقة خطورة ما تمر به الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية في البلاد.. لكن الإصرار على السير في هذا الطريق الشائك والملبد بالغيوم يبدو أنه صار لعبة سمجة تستحسنها تلك القوى وتتجاهل كل التحذيرات التي يطلقها عدد من الكتاب والساسة ورجال الاقتصاد هنا وهناك, وكأن الأمر لا يعنيها ولا يخطر على بالها, أو إنها تدرك ذلك جيداً, لكنها تحاول كسب مزيد من الوقت لعل وعسى, متناسين أن كل ساعة ولحظة تمر تؤدي إلى خلق مزيد من التصدع والانهيار على الأرض, والمشاهد الماثلة أمامنا خير دليل على صحة ما أوردنا آنفاً.
(2)
الرئيس هادي حاول أن يقدم مشاريع بديلة وناور كثيراً وبطريقة مغايرة عن سابقيه أملاً في إحداث تغيير ملحوظ على الأرض يقتنع به غالبية الشعب وقوى التغيير الحقيقي.. لكن الرجل حسب اعتقادي اصطدم بتلك المشاريع الكارثية الكبيرة منها والصغيرة وكلها خطيرة وخطيرة جداً ويصعب التعايش معها أو الوقوف في وجهها مرة واحدة, والرجل يدرك مخاطر ما يعتري المشهد اليمني وملم بتفاصيله بلا شك, كون اللاعبين كثر وتداخلت العوامل المحلية بالعوامل الإقليمية والدولية.. لكن رغم إدراك الرجل لما يحدث ويجري على الأرض إلا أنه ما زال بحاجة لدفعة قوية (قرارات مصيرية) تربك مراكز القوى المتنفذة والتي تطمح في العودة إلى السلطة عبر أذرعها المتواجدة في السلطة أو تلك التي ما زالت تعبث بالمشهد المحلي, وإن كانت قد تقلصت الآمال في حدوث ذلك, خاصة بعد تشكيل هيئة مكافحة الفساد مؤخراً, كون القراءة المنطقية لمثل هذا القرار يكشف وبجلاء حقيقة مفادها أن هناك تمديداً للمرحلة الانتقالية متفق عليها بين مختلف القوى المتحاورة وبعيداً عن الشعب صاحب السلطات وبدون مشاركة القوى والمكونات الشبابية المستقلة التي لم تشارك في الحوار الوطني, وفي حال صح مثل هذا الاستنتاج فإن البلد برمتها ستدخل في مأزق استمرار الفوضى وتزايد حالات السخط الشعبي العام, وربما ينتج عن ذلك بروز تحالفات جديدة لتلك القوى مع القوى القديمة التي تمتلك من المال والإمكانات ما قد يعزز من حضورها وعودتها إلى المشهد وبقوة تفوق التوقعات.
(3)
وأخيراً تبدو مساحة الخراب واسعة والطريق شائكاً ومليئة بالألغام والحفر والعقبات وآلة الفساد والحرب التدميرية مستمرة وتعمل وبوتيرة عالية.. والغريب في الأمر أن أصحاب المشاريع التدميرية في البلاد لا يكلون ولا يملون ويدافعون عن تلك المشاريع الحقيرة والصغيرة وبصورة عجيبة وغريبة, يقابلها حالة جمود وصمت مريبين من الفريق الآخر, رغم مرور الوقت والرهان على أزوفه مستمر وتطويع الأدوات يسير في ذات الاتجاه المخيف والمقلق.. والله المستعان.
عبدالباسط الشميري
إسقاط البعد الإقليمي على المشهد اليمني.. كارثة!! 4616