كل الأحزان التي بدأت في رحلتي في عالم الكتابة تعود لتنبت من جديد لتلطّخ أصابعي بالاحمرار، وأقول في نفسي : كيف أتحدث عن العيد الواحد والخمسين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيد ووحدة البلاد تعيش في خطر؟, كيف أرسم الألوان والزهور وأعطّر حروفي بأكاليل الياسمين والفل والكاذي وأمامي عبوةٌ ناسفة زرعها مجهولون أمام المبنى الذي أقطن فيه مع أسرتي؟
لماذا تتركونا نموت على يد مسلحين مجهولين لا يعرفون مثقال ذرةِ من الرحمة التي وهبها الله في القلوب ؟
إن بلادنا تتعرض لويلات ومكايدات فنحن لسنا بخير مادام المتطاولون ينهشون لحوم المواطنين الأبرياء والجنود الأشاوس بالاغتيال والاعتقال ، نريد أيادٍ بيضاء لتحمينا بعد الله من العابثون بأمننا واستقرارنا .
عُـد أيها العيد السبتمبري المجيد من حيث أتيت وحمداً لله على سلامة الوصول وأخبِر التاريخ بأن ظلم الإمام يحيى حميد الدين ما يزال قائماً في بلدي تهتز له البلد فزعاً وخوفا !! كل شيء مكلل هنا بالوجع ويجتثنا الموت البطيء في كل لحظة من بين دهاليز الألـم، أطفال ونساء على أرصفة الشوارع يوصلهم للفناء ويجزمون بأن حياتهم تستحق الاهتمام لكنهم يتذوقون سقم السنون وعطش الموت، يتمتعون بصرخات يصعب على الدولة سماعها، والطُرق أمامهم متعرجةٌ وملتويه ينتظرون فرجاً ونصراً قريبا.
سوف أرحل من تعز إلى صنعاء لكني أدرك جيداً بأن مدينتي ستتبعني في الشوارع نفسها لا فرق سوى بالمسلحين ونقاط التفتيش ، لا راحة بال تجليك عن الاكتئاب في العاصمة صنعاء مادام الاغتيالات تتوالى يومٌ بعد يوم ، ولا اطمئنان في عدن الباسلة وعناصر الحِراك تهدد بالانفصال صباحاُ ومساء والمسلحون في الشوارع يجبروني في العصيان المدني بالقوة الكامنة، وفي مدينة الحديدة يطاردني انقطاع الكهرباء والشوارع مليئة بمياه الصرف الصحي تعطر عروس البحر الأحمر !! فهل يغادر المواطن ساحة الوطن من هذا الاكتئاب الحاصل في البلد؟
أخبِر التاريخ يا عيدنا السبتمبري المجيد بأن ثقتنا تكمن في مؤتمر الحوار الوطني ليخرجنا من بين براكين الخوف والشتات والتمزيق ليصبح اليمن بهذه المخرجات الإيجابية سالماً مُعافى من كل سوءِ ومكروه ،وحفظ الله حماة الوطن فهم الشموع المشتعلة ليلاً يحرقون أنفسهم كي يضيئوا لنا البلاد عوضاً عن الكهرباء المنقطعة كل يوم وليله.
خليف بجاش الخليدي
يا عيد سبتمبر حمداً لله على سلامتك 1491