لأننا في مرحلة فيها الكتب الرقمية، والشاشات الخارقة للجدران الحديدية، والعالم أصبح كقرية، وكل ما يدور فيها يعرض على الجميع، وهذا يتطلب التعامل مع الفرد بثقة، وأن ترفع عنه الوصاية والأبوية، وبهذا سيثق بنفسه وسيكون منتجاً وناشطاً ومبدعاً وفاعلاً وصانعاً ومشاركاً في بناء بلاده..
وإذا كانت الثورات السابقة ثورات التحرر من الاستعمار تنظر إلى الفرد، كعبد خاضع يمارس طقوس العبادة للثورة وآلهتها وأبطالها، وإلا عومل كعميل أو خائن أو عدو.. فإن الثورات السلمية الجديدة المدنية المستمرة في العالم العربي يجب أن تتعامل مع الفرد كما أراد الله بمسؤولية كمنتج وناشط ومبدع وفاعل وصانع ومشارك في بناء بلاده، كما شارك في صنع ثورته..
ولهذا تم التركيز في الثورات الجديدة على قيم الإسلام الكبرى وعلى رأسها الحرية والعدالة والكرامة لكي نتخلص من شعارات التحرير والمقاومة والممانعة، كما رفعت شعارات الديمقراطية والتعددية والشراكة والتنمية لكي نتخلص من مقولات الأحادية والمركزية والفوقية.. وكذلك تم التأكيد على احترام حقوق الإنسان بوصفها قيماً إسلامية عالمية, وذلك في مواجهة انغلاق الخصوصيات الثقافية أو تعسف الدول القومية وحكام الأسرية والعسقبلية والكهنوتات الدينية..
وإذا كان للثورات الجديدة بطابعها السلمية والمدنية أن تفيد من إخفاق ما سبقها, فبوسعها أن تعمل على التحرر من الشعارات العامة ذات الطابع الطوباوية, بحيث يجري التركيز على ما يتعلق بالتنمية الاقتصادية وبالوجود اليومي المعاش، والآني، بمشاغله وهواجسه المختلفة.. والله الموفق.
محمد سيف عبدالله
وجوب رفع الوصاية والأبوية عن الفرد 1363