إن الحماية الحقيقية لحقوق وحريات الشيعة لن يكون بمعزل عن حماية حقوق وحريات الإنسان مهما كان لونه ودينه ومذهبه وانتمائه السياسي في البلدان الإسلامية. وواجب القوى السياسية والدول الإسلامية وغير الإسلامية التركيز على بناء دول مدنية منظمة ومتطورة ومزدهرة يتعايش فيها الجميع، ففي ظل هذه الدول المستوعبة لكل مكوناتها يمكن فقط حماية السلم والأمن الوطني والإقليمي والدولي، وأية دعوة مخالفة لهذا التوجه بحجة الدعم المتطرف للشيعة أو غيرهم أو بحجة العداء تكون متهمة ولا يمكن الاطمئنان لدعاتها. إن الملاحظ أنه وبحجة الدعم للشيعة أو الخوف منهم تأتي مواقف بعض القوى الكبرى في العالم، لتتدخل في مصلحة هذا الطرف أو ذاك، فتغذي النزاع والصراع النخبوي السياسي والاجتماعي، مما يخلق مزيدا من التسييس للشيعة يخرجهم من بنيتهم المذهبية – العقائدية الطبيعية ليزجهم في قلب الصراعات السياسية الوطنية والإقليمية والدولية. يقول الباحث العربي الدكتور خالد عليوي العرداوي من مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية إن ظاهرة تسييس الشيعة لا تصب في مصلحتهم كوجود سياسي واجتماعي وثقافي بناء وفاعل، كما لا تصب في مصلحة السلم والأمن الوطني والإقليمي والدولي، إذ من شأنها تعميق الشعور بالمظلومية التاريخية لمكون اجتماعي – سياسي – وعقائدي مهم في العالم الإسلامي، مما قد يدفع أبنائه إلى العزلة السياسية، ويضعف ترابطهم مع بقية المكونات الاجتماعية من جهة، ومن جهة أخرى فان الأطراف التي تحاول تعميق حالة فوبيا الشيعة تدفع مكوناتها وأنظمتها الحاكمة إلى مزيد من العنف والتطرف اتجاه الشيعة، مما يشيع مشاعر الكراهية والعنف المتبادل في مجتمعاتهم والمجتمعات الأخرى، لأن الوجود السياسي للشيعة عابر للحدود الوطنية، أي غير مقتصر على دولة بعينها، ويترافق كل ذلك مع التطور الهائل في وسائل الاتصالات والمواصلات جعل العالم قرية كونية، ما يحدث في طرف منها يترك صداه في بقية الأطراف، فالعنف الطائفي المتبادل في دولة ما سرعان ما سينتقل عبر الحدود ليشمل دول أخرى، ولن يقتصر على أماكن التواجد التقليدية لهذه الطوائف، بل سيصل حتى إلى بلدان المهجر، ومن شأن ذلك أن يلحق عنفا وتطرفا يهدد الأمن والسلم الوطني والإقليمي والدولي.
وفي ظل هذا العنف والتطرف المتبادل سيكون الخاسر الإنسانية جمعاء، لأنها ستواجه ظروفاً تهدد بناء الثقافة والحضارة على سطح الأرض.
إيمان سهيل
الشيعة والدوامة الخطيرة 1237