هل يمكن لأحد ما إنكار هذا الحق المكفول لكل إنسان؟ هل يستطيع أيّا كان أن يمد يده وينتزع هذا الشعور من الوجدان؟ لن يصبح للحياة أي معنى دون وجوده.. ستفقد الألوان رونقها, وتضيع بهجة الدنيا, وتمتلئ النفوس بالوحشة, وتضيق الصدور ويتجهم العقل.. سيخشوشن العيش وتنزوي الابتسامات لتوأد بين شفاه متصلبة.. سيضحى كل شيء يشبه أي شيء.. اللون الرمادي سيظلل لوحة العمر, ويغدو الموت شبيها بالحياة, وقد يصبح أغلى الأماني لأنه السبيل الوحيد للفكاك من هذه الكآبة السوداء.. الحق المكفول للجميع, والعطر المشاع بين البشر.. إنه الفرح, منحة الرب للخلق, وفطرة الإنسانية.. نهى ديننا عن الحزن والتباؤس في مواطن عديدة من كتاب الله العزيز, ودعانا للفرح بنعم الله جل وعلا بل إن الشرع جعل للفرح مواسم كبرى جماعية, ليجبر حتى سوداوي النفوس والفكر على الابتهاج, فسن لنا عيد تلو عيد ليبث في قلوبنا السرور ويضفي مذاقا حلوا للعيش, قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا. ديننا دين الفرح, فرح بالله وبكل ما يمنحنا إياه من نعم.. إظهار السرور بنعم الله صورة من أجلّ وأروع صور الشكر للرب جل وعلا, وهي مهارة لا يتقنها سوى العبد المتميز في عبوديته لله تعالى حتى أن الله شهد بأنهم قلة متفردة (وقليل من عبادي الشكور)! والفرح طاقة خلاقة ومطلقة للإبداع, وهي سبب من أسباب القوة النفسية اللازمة لإعمار الكون (مهمة ابن آدم الأساسية).. كم أشفق على من يفقد القدرة على الفرح, وكم يرعبني تكاثرهم في بلادنا الطيبة.. يصنعون الموت, ويزهقون الأرواح بقلب ميت وضمير غائب.. مات فيهم الجانب الطيب من الإنسان, وتجهم العقل ففهموا مقاصد الشرع فهما خاطئا لأنهم فقدوا القدرة على الفرح بالله وبما قسمه لهم من متاع الدنيا.. هذا الدين, دين الفرح والرضا والتسامح.. دين الأعياد, والعطاء, والبناء براء من صنّاع الموت.. مهمة العباد إعمار الأرض, وتحسين معيشة الإنسانية, وخلق بيئة رحبة حرة لمنح العقل فرصة الاختيار (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)! يا من تصنعون الموت والخراب توقفوا لبرهة وتعلموا فن الفرح, وتقربوا للرب بالرضا والشكر وليس بسفك الدماء وكفر النعم.. كل عام وإنسان هذا الوطن سعيد راض, يصنع الحياة, ويبث الفرح للكون والإنسان..
نبيلة الوليدي
دين الفرح ..لا دين الترح ! 1517