إن البرامج التعليمية القائمة أريد لها ألا تتناقض مع الأهداف، والمرامي، والغايات، التي تحددها الطبقات الحاكمة، في البلاد العربية، انطلاقا من توجيهات صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والمؤسسات المالية الدولية الأخرى.
وبالتالي فإن هذه البرامج التعليمية لا يمكن أن تؤدي إلا إلى إنتاج نفس الاختيارات الرأسمالية التبعية، الرجعية، المتخلفة، والمؤدلجة للدين، ولا يمكن أبدا أن تخدم قيام اختيارات شعبية، وديمقراطية، ولا يمكن أن تؤدي إلى سيادة العلمانية، وقيام المجتمع المدني الديمقراطي.
وبما أن الأنظمة القائمة في البلاد العربية هي أنظمة استبدادية، فإننا نستطيع القول، بأن البلاد العربية تعاني من استبداد هذه الأنظمة، التي تعتبر أن ممارسة الديمقراطية، هي ممارسة تتناقض مع مصالحها، وإذا سمحت بما نسميه بديمقراطية الواجهة، فلأجل حماية مصالحها، في إطار علاقتها مع المؤسسات المالية الدولية، ومع الدول الرأسمالية العالمية وفقا للباحث العربي محمد الحنفي.
ولعل غياب الديمقراطية، لا يعني إلا حرمان الشعب من حقه في اختيار المؤسسات التمثيلية الحقيقية، التي تعكس احترام إرادة الشعب، في كل بلد عربي.. تلك المؤسسات، التي تعمل على تكوين حكومة من أغلبيتها، تقوم بتنفيذ برنامج تلك الأغلبية، الذي اختاره الشعب, وبالعمل على تطبيق القوانين المتلائمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، الصادرة عن المؤسسات التشريعية في البلاد العربية، والحكومة بذلك تعمل على أجرأة المضامين الديمقراطية، التي ترى نفسها أهلا لتمتيع الشعوب العربية بها حتى تتحقق إنسانية تلك الشعوب، وحتى تشعر بأنها تستطيع، وبواسطة الديمقراطية، أن تقرر مصيرها بنفسها.
وان هذا الحرمان ـ الذي تعيشه الشعوب العربية والذي اتخذ طابع التأبيد من قبل الأنظمة الاستبدادية ـ يقتضي الفضح، والتعرية، وتوعية الجماهير الشعبية الكادحة بضرورة الانخراط في ذلك، والنضال من أجل ديمقراطية حقيقية، تضمن التمتع بالحرية، وبالعدالة الاجتماعية. لأن الديمقراطية بدون ذلك، لا يمكن أن تكون إلا ديمقراطية تلميع الواجهة.
أخيرا لا بد من انتهاج ممارسة ديمقراطية حقيقية، تكون فيها الكلمة للشعوب العربية، الذين يستطيعون تقرير مصيرهم الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، ويعملون على دعم بناء دولة مدنية، بمؤسسات تنفيذية، وتشريعية، وقضائية مستقلة عن بعضها البعض، وبقوانين متلائمة مع الواقع المتحول، و المتطور من جهة، ومع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان من جهة أخرى.
إيمان سهيل
ديمقراطية الواجهة 1368