ليسمح لي القارئ الكريم بأن أدعو المهتمين والمتخصصين في دراسة تراثنا وتاريخنا والمحبين لتطوير وتجديد الخطاب الإسلامي عموما والخطاب الوعظي، خصوصا ليواكب ثورة المعلومات والتواصل والمتغيرات اليوم، وأطلب أن تكون هناك ندوات تناقش تحديد التحديات التي تواجه محاولة تجديد الخطاب الإسلامي العام وتناقش الحلول الممكنة، وذكر الكتب التي تُناقش هذه التحديات، وتحديد العلاج من منطلق علمي، وعلى سبيل المثال أٌذكّر بأهم سبعة تحديات عميقة في تراثنا الإسلامي وهي:
التحدي الأول: في الغالب عندنا خلط بين ما هو فقه وفكر وتصور إسلامي والإسلام كوحي ومبادئ مُمثلة بنصوص القرآن وصحيح السنة التي لا تُخالف القرن.
التحدي الثاني: في الغالب عندنا خلط في التقديس بين المتكلمين في كل الجماعات الإسلامية كمشايخ ووعاظ وخاصة أصحاب التدين المنقوص وغيرهم... باسم الإسلام، والإسلام كوحي ومبادئ عابرة للزمان والمكان والأشخاص ممثلة بنصوص القرآن وصحيح السنة التي لا تخالف القرآن.
التحدي الثالث: في الغالب عندنا الخطاب الإسلامي يلغي الأسباب ويلغي تفسير الظواهر الاجتماعية والسياسية والطبيعية ويعيدها إلى القدر, يعني إلى الله، أو إلى سبب واحد المعاصي، وبدون مراعاة للمسافة بين مشيئة الإنسان المرتبطة بالأسباب ومشيئة الله المطلقة.
التحدي الرابع: في الغالب عندنا خلط في الخطاب الإسلامي بين تراث المسلمين من فقه وتاريخ وأخلاق كفهم بشري تاريخي مرتبط بظروف الزمان والمكان والاشخاص، وإعطائه قداسة كقداسة الوحي الممثل بنصوص القرآن وصحيح السنة التي لا تخالف القرآن ونسيان قول الله سبحانه : "تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تُسألون عما كانوا يعملون".
التحدي الخامس: إعطاء الوعاظ وبعض مشايخ الدعوة مكانة قد تصل عند العوام إلى التقديس ووصل هذا الأمر إلى تقديس المذاهب كتقديس الدين وهذا أدى إلى شخصنة الإسلام وتحزيبه.
التحدي السادس: في الغالب نحن ننطلق في الخطاب الإسلامي عموماً والخطاب الوعظي خصوصا من اليقين الذهني والحسم الفكري القطعي فيما فهمناه فيما يخص إدارة شئون الأفراد والحياة المختلفة، وبدون مُراعاة النسبية والأسباب وفقه الواقع وفقه اختلاف التنوع.
التحدي السابع: في الغالب الأعم هناك مرويات تحث على تقديس الماضي وتراث الماضي وكأن السلف الصالح ليس من البشر بل هناك التحذير من الخوض في التحليل العلمي لما جرى من أخطاء وصواب عن سلفنا الصالح كبشر وهذا تجاهل للطبيعة البشرية والأسباب التاريخية، ولهذا يتم التعاطف مع الماضي بالبكاء على ما حدث لهم في الماضي، وأصبح للسلف سلطة على الحاضر..
والله الموفق