الأزمات الاجتماعية الحادة، لا تزداد إلا حدة، مما يعطي الفرصة أمام إمكانية تغلغل الفساد في النسيج الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي. ولعل التدهور الاقتصادي جعل الجماهير الشعبية الكادحة تنتظر المعجزة من وصول الملتفين على ثورات الربيع العربي إلى مراكز القرار، ومنها إلى السيطرة على السلطة ولكن ذلك مالم يتم, حيث هي ذاتها القوى النخبوي التي ساعدت الأنظمة الساقطة على الفساد والافساد. وبالتطرق إلى طبيعة البرامج التعليمية المتبعة في البلاد العربية، فقد روعي في إيجادها أن تؤدي إلى تربية الأجيال الصاعدة على تعظيم الحضارة الغربية، التي تصير مثالاً يقتدى به، وعلى جعل الغرب ملاذاً للهروب من كل المشاكل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وجعل الهروب إلى الغرب حلماً تعمل على تحقيقه الأجيال المتعاقبة، بسبب انعدام عوامل الاستقرار الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي في البلاد العربية. ولذلك، فإعداد الأجيال لتعظيم الغرب، وجعله ملاذاً للهجرة، وحلماً، لا يخدم في العمق إلا مصلحة الطبقات الحاكمة، التي تتخلص من الأجيال الصاعدة من جهة، ومصلحة النظام الرأسمالي العالمي، الذي يستغل المهاجرين الى الغرب أبشع استغلال، على جميع المستويات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، من أجل مضاعفة التراكم الرأسمالي العالمي. إن البرامج التعليمية القائمة أريد لها ألا تتناقض مع الأهداف، والمرامي، والغايات، التي تحددها الطبقات الحاكمة، في البلاد العربية، انطلاقا من توجيهات صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والمؤسسات المالية الدولية الأخرى. وبالتالي فأن هذه البرامج التعليمية لا يمكن أن تؤدي إلا إلى إنتاج نفس الاختيارات الرأسمالية التبعية، الرجعية، المتخلفة، والمؤدلجة للدين، ولا يمكن أبداً أن تخدم قيام اختيارات شعبية، وديمقراطية، ولا يمكن أن تؤدي إلى سيادة العلمانية، وقيام المجتمع المدني الديمقراطي.
إيمان سهيل
جماهير كادحة تنتظر المعجزة 1286