;
د.حسن شمسان
د.حسن شمسان

دكتاتور.. لكن في جبة المُخَلِّص! 1454

2013-10-30 17:33:03


 الدكتاتورية محرمة بثوب العلمانية ،ولما كان ذلك كذلك، فإن ممارستها في ثوب الإسلام يمثل كل الخطوط الحمراء وكل المحرمات؛ لأننا عندما نرى مثل هذه دكتاتورية تمارس من قبل بعض أشخاص يَنظرُ إليهم المجتمع على أنهم الحكماء المخلصون؛ لأن المجتمع يدرك أن سياسة الإسلام التي يتولاها الإسلاميون تقوم على درء المفاسد وجلب المصالح مع ملاحظة ،هي في غاية الأهمية، أن درء المفاسد في سياسة الإسلام أو إسلام السياسة -بتعبير أدق- مقدم على جلب المصالح.. لهذا -بالمصري- ينام المجتمع وعلى بطنه بطيخة صيفي؛ وهو مثال يدل على البعث في النفس الأمن المطمئن في أمر من الأمور؛ وقد حصل معي ذلك مع أحد المشرفين على رسالتي للدكتوراه؛ حيث ذهبت إليه بعد شهر من تسليمه الرسالة وقبل المناقشة بيوم واحد؛ فرد علي: "نم يا حسن وعلى بطنك بطيخة صيفي"؛ فسألت أحد الزملاء المصريين ما دلالة هذه العبارة؛ فرد علي باللكنة المصرية الظريفة: "هذا يعني أن الدكتور مبسوط من رسالتك خالص".. فإذا بي أنام قرير العين هادئ النفس خالٍ من التوترات، وفي اليوم التالي, أي يوم المناقشة, تمنحني اللجنة أعلى تقدير تمنحه جامعة عين شمس.. وعندما يتولى أمر مجتمع ما الإسلاميون يذهب المجتمع أو ينخلع عليه هذا المثال المصري السابق؛ لكن -وما أقسى بعد لكن غالباً في هذا العصر؛ إذ ما قبلها يعبر عن المفروض وما بعدها يعبر عن المرفوض الذي يقوم مقام المفروض.. لهذا أقول: لكن يغفل المجتمع عن شيء واحد وهو من الأهمية بمكان وهو عدم التفريق بين الإسلام وبين الإسلاميين؛ وبين سياسة الإسلام وسياسة الإسلاميين، وبين نصوص القرآن وبين المتؤولين للنصوص!, مع أن الفارق جداً كبير؛ بمعنى أنه إذا حصل عوار في التأويل عن غير قصد أو حصل بقصد؛ أي مع سبق الإصرار والترصد فهنا تكمن الطامة الكبرى والداهية العظمى؛ لأن هذ الذي يحدث العوار سيتعرض للفشل والتصادم مع فطرة الله التي فطر عليها الإنسانية وهذا الفشل ساعة ذلك ممضي بتوقيع الله عز وجل؛ لأن هذا المفتي أو المتأول يعرض نفسه للمجتمع أو هكذا يراه المجتمع بأنه يتحدث باسم الله وباسم الإسلام وأن حقيقة ما يعرضه أو يقرره هي حقيقة الإسلام لا تأويلاته الموظفة لهوىً في نفسه؛ وبهذا يتهم دين أحكم الحاكمين بالفشل في قيادة الحياة ليكون مطلوباً من الشعوب أن تثور على إسلامها لاتهامه بالفشل كما حصل مع الكنيسة والذي بسبب ذلك قامت الثورة الفرنسية على "مسمى الدين"، لأن القساوسة أظهروا الدين في صورة الخرافة!. إن الخطر العظيم هنا يكمن في أن الله في علاه خالق الإنسانية وصانع عقلها الدقيق لم يبنِ قيام الإنسانية في الاعتقاد به على قاعدة الإكراه والطاعة العمياء، وكان من حقه وحقيقه أن يتخذ مثل ذلك إجراء مثلما اتخذه مع السموات والأرض، والبهيمية لأنه خالق الإنسانية وخالق البهيمية؛ لكن لما ميزت بالعقل الإنسانية وكرمت بالحرية في اتخاذ قرارها وفي أقدس المقدسات وهي العقيدة؛ فإنه يبقى من الشذوذ أن يأتي إنسان من جنس الإنسانية ليصادر وعيها، وأشذ الشذوذ ساعة ذلك الذي يرضى لنفسه بتلك المصادرة؛ لأن مثل هذه مصادرة للوعي إنما هي مصادرة للإنسانية برمتها, فما الإنسانية إلا بوعيها وحريتها، والذي يقرأ الحياة الإنسانية الجوهرية في غير الحرية/فإن في فهمه عوار لحقيقة الحياة؛ لأن حياة المتعة والأكل والشرب والنوم تنسجم مع البهيمية، ولا تتصل بالإنسانية من قريب أو بعيد؛ ولأن خلاصة الإنسانية في وعيها ومن أتى ليصادر وعي الإنسانية؛ ليختزله في وعيه هو، فإنه يستخف بها وهو من جنسها ولم نر ذلك الاستخفاف من خالقها بل رأينا التكريم (ولقد كرمنا بني آدم) وذكر التكريم هنا للآدمية لأنها قيمة.. بمعنى أن الآدمية قيمة فوق الإنسانية؛ لأنها استفادت من جزئية التمييز العقلي فحاولت الارتقاء بنفسها من خط الصفرية التي تلتقي عنده البهيمية والإنسانية.. إن من يصادر وعي الإنسانية ويستخف بها؛ فإنه يؤله أو يجعل نفسه مكان الإله الحق, بل ويرفع سقف فوق سقفه؛ لأن الخالق في علاه ترك أمر "الاعتقاد" المقدس خاضع للإقناع والحرية (لا إكراه في الدين) وهذا ما جبل عليه عقل الإنسانية!, يعمل فوق قاعدة الحرية ولا يتفاعل البتة فوق قاعدة منهارة لا تتسم بالثبات وهي العبودية الممجوجة الشاذة التي هي وراء خراب الأمتين الإسلامية والعربية.. إن اختزال التخصصات في عقلية تراثية واحدة هو استخفاف بعقلية المتخصصين والرجوع والانحدار إلى هاوية الحجريين المتحجرين الذين لم يسلموا بإرادة التغيير تسليماً؛ لقد ثارت الشعوب على قضية العقلية الحجرية التي لا تختلف بتصوري عن ذلك الصنم الحجري، فمشكلة الإنسانية أو جوهر معضلتها ليست في الأصنام الحجرية بتاتاً والتي كانت تعكف بجوار الكعبة؛ بل في تلك الأصنام الأكثر خطورة التي تعكف في الرؤوس والتي تحتل مسافة كبيرة من وعييها وفي ذلك يكمن بالغ عيِّها، وإن من فرض نفسه ليظهر في صورة المخلص ؛ عليه أولا أن يتخلص من تلك الأصنام التي تجثو في رأسه فحجرت وعيه؛ ليستطيع التفكير ومجارات القرن الواحد والعشرين, قرن التغيير, حتى لا يضطر المفكرون إلى ركنه في إحدى زوايا المتاحف الأثرية؛ ليبقى رمزاً للعهد البائد المتخلف الذي عاش على مصادرة وعي الأمة والاستخفاف بها ومصادرة حياتها التي تكمن في حريتها زمناً طويلاً!!.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد