هل يجب أن يلبس الوطن زياً موحداً؟, هل يجب صبغه بصبغة واحدة؟, هل اليمن وطن؛ أرض, أم إنسان؟, وهل كان إنسان اليمن أو إنسان أي بقعة في الكون نموذجاً واحداً؟, هل من حق أي مكون, أو عنصر, أو جماعة نفي الآخر لمجرد أنه مختلف؟, هل الاختلاف شر, وبدعة, وشذوذ اجتماعي؟..
الله جل وعلا يقول:" ولوشاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين".. بل إن المتتبع للآيات التي ذكر الله جل وعلا فيها الاختلاف سيرى بأنه سبحانه لم يذم الاختلاف, بل قرره سنة من سنن الخلق, وإنما ذم الفرقة والإعجاب بالرأي لدرجة البطر, والرغبة في سحق المخالف (كل حزب بما لديهم فرحون)!!..
وفي أكثر من موضع في محكم تنزيله نجده جل وعلا يذم ادعاء المرء الزكاء لنفسه, بل ونهى عن ذلك (ولا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى).. ثم هو سبحانه يحترم حق الإنسان في الاختيار, حتى لو اختار البقاء على الكفر (لا إكراه في الدين) , (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).. فما بالنا تضيق صدورنا عن قبول الآخر المختلف عنا أو المخالف لنا؟!.. والعجيب أنا نقبل البعيد المناقض كاليهودي والنصراني, بل ونمد أيدينا لهم بالمسالمة, وحتى بالكثير من المداهنة ثم لا نحتمل القريب اللحمة, ابن الوطن إن هو تجرأ وخالفنا!!.
المشاهد أنه بعد التثوير العظيم للمجتمع اليمني, والحراك الكبير في ثورة التغيير, وبعدما خبا الحدث, وهدأت الزوابع تباين الناس وأظهر كل واحد سريرته, والكل رفع صوته مطالباً بحقه في المشاركة والشهود الوطني على أرض بلده.. واستطاع الجميع أن يتنفس الصعداء ويقول ها أنا ذا, بفكري, بمذهبي, بتوجهي.. وهذه نتيجة طبيعية لحالة التحرر الذي يعيشها إنسان هذا الوطن بعد ثورته الجميلة, إنها إحدى أروع ثمار الثورة, والتي يحاول البعض تحويلها من نعمة لنقمة بإصراره على نفي الآخر وإقصائه!!.
يا أولي الأفهام والعقول: أخرسوا دعوات تكفير الناس, وتوقفوا عن تنفير المجتمع من بعض مكوناته, وبث روح العداء تجاه بعض أبناء الوطن أياً كانت توجهاتهم.. هل تريدونها حرباً طائفية.. دينية.. جهوية.. سياسية مغلفة؟!..
نعم يوجد هنا على أرض اليمن ومنذ دهر الزيدية, والسلفية, والشيعة, والحوثة, والإسماعيلية, هذا غير ما استجد من المسميات السياسية وجماعات الحراك الجنوبي والتهامي, وغير ذلك كثير من عوامل قد تثري الحراك الإنساني النهضوي الحضاري لهذه البلدة الطيبة أرضاً وإنساناً!!..
لكن المؤسف هو التلقي السلبي من لدن البعض لهذه المعطيات!, فمنهم من أصيب بالصدمة لظهورها على السطح, ومنهم من يراها فرقة وتشرذماً ومهدداً للحمة اليمن أرضاً وإنساناً, ومنهم من يشتط فيطالب بفناء بعضها ويجلب على مخالفه بخيله ورجله يريد إزاحتهم قسراً من المشهد السياسي والعملية النهضوية, ونفيهم عن الحياة بأي صورة من الصور!!.
بصراحة هذه ردات فعل طفولية, فليس لأحد الحق في شيء ذلك!!, والأسوأ منها ادعاء البعض حمله لواء الحق الكامل!!, وهذا محال, فكل يؤخذ منه ويرد إلا المعصوم (صلى الله عليه وسلم), فما بال المكونات الحاملة للواء الدين تتنازع إنسان هذا الوطن, مدعياً كل واحد منهم بأنه باب الجنة التاسع !!.
يا جماعاتنا الإسلامية: أربعوا على أنفسكم فنحن مكتفون بأبواب الجنة الثمانية, ونعرف جميعنا السبيل لبلوغها من قبل ظهوركم على الساحة السياسية.. فهلا أقمتم لنا جنة على أرض الوطن, ودعونا لنصل بأنفسنا لجنة السماء!!.
نبيلة الوليدي
باب الجنة التاسع!! 1714