إن حادثة مجمع الدفاع بالعرضي بالعاصمة صنعاء الخميس الماضي ليست حادثة عفوية وليست بسيطة تستوجب الصمت، بل هو انقلاب خطير مكتمل الأركان من المفترض أن يكون جرس إنذار ومؤشراً خطيراً يجب أن يتنبه له صناع القرار في البلاد جيداً ويخططوا لما بعده، ذلك لأن آليات حوادث التخريب في البلاد تتطور يومياً في ظل تراخ وضعف رسمي بارز.
وفي هذه الحادثة هناك تصعيد ملحوظ حيث خطط الانقلابيون بدقة لإسقاط وزارة الدفاع كي يعلنوا إسقاط الدولة، ويحققوا عدة رسائل منها: إثبات وجودهم وتأكيد قوتهم وقدرتهم على خلط الأوراق في أي لحظة, بل ربما سعوا لتقويض شامل للدولة ولمخرجات مؤتمر الحوار الوطني وإيصال رسالة لرعاة المبادرة تؤكد بأنهم هم القوة الحقيقية في البلاد وغيرهم هم الضعفاء سواء أكان رئيس الجمهورية أو حكومة الوفاق.
وتذهب التحليلات في دروب متعددة ومختلفة حول هوية منفذي عملية الانقلاب إلا أنه لم يتأكد بعد الطرف الذي يقف وراء هذه الحادثة الكبيرة, لكن ما يمكن الاعتماد عليه عقلا في هذا الشأن أن الطرف المستفيد من الفوضى ومن تقويض العملية السياسية في البلاد هو المتهم الأول وهو من يقف وراء مثل هكذا عملية ولعل الرئيس السابق وأنصاره هم المستفيدون من ذلك مع شواهد تثبت أن هناك خيانات في الجيش نفسه من خلال قيادات عسكرية كبيرة مازالت تدين بالولاء للرئيس السابق كانت لهم بصمات في الانقلاب الفاشل, بحسب بعض المصادر الصحفية، وكذا حضور القناة الفضائية له أثناء الحدث لتبث العملية مباشرة ومن كل الاتجاهات وهوما يثير الريبة ويدعو للشك، كما أن وكالته الخبرية تفردت بنشر بيان منسوب للقاعدة يؤكد أن التنظيم وراء العملية كي تبعد التهمة الموجهة للرئيس السابق، ولعل ما يؤكد هذه التهمة أيضاً تحدث بعض أنصار صالح عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن الانقلاب وانتظارهم لبيانه الأول وتشفي البعض مما حدث وتنظيمهم حملة موجهة تطالب بإقالة بعض الوزراء المختلفين معهم وعلى الخصوص الدفاع والداخلية.
لقد كان إفشال هذا الانقلاب ضربة معلم بجهود أفراد القوات المسلحة الأشاوس، وبرغم كل التضحيات إلا أن فشل الانقلاب وخسارة منفذيه والمخططين له وعدم نجاحهم هو ما يُسرِّي عن اليمنيين المحبين لبلدهم والذين يتطلعون ليمن آمن ومستقر، لكن التساؤل الذي يطرح نفسه هو: ماذا بعد فشل هذا الانقلاب؟.
وهنا نؤكد كي نجيب على هذا التساؤل بأن على الرئيس/ عبد ربه منصور هادي والأحرار في حكومة الوفاق أن لا يتعاطوا مع هذا الانقلاب كسابقيه من الحوادث، بل لابد من وقفة جادة، واتخاذ قرارات حاسمة من خلال القبض على بقية القتلة ومن يقف من ورائهم، ولابد من إقالة ومحاكمة كل ضابط يثبت تورطه في الانقلاب، ولابد من إصدار قرارات تغييرية في الجيش بعيدا عن أي محاصصة وإقالة كل القيادات الأمنية في المحافظات الملتهبة التي تسرح فيها القاعدة المفترضة.. إنها فرصة كبيرة لصنع التغيير يا سيادة الرئيس من أجل الاستقرار، حيث يكفي وضع البلاد دبلوماسية ومدارة ومجاملات على حساب أمن الوطن واستقراره، يجب أن يتم التحقيق الفوري مع من تم القبض عليهم وإعلان الحقائق للشعب، ولا يغرنكم سكرة الإدانات الكثيرة للانقلاب والتضامن اللامحدود مع اليمن دون أن تكون هناك إجراءات واقعية ملموسة تؤكد قوة الدولة وتعيد هيبتها المفقودة في بلد لم يلتئم جرحه بعد، ولا بد أن تصل رسالتكم سيادة الرئيس بقوة لكل الأشرار مفادها أننا لن نسكت وسيتم العقاب الفوري لكل من يستهدف أمن الوطن واستقراره.. فهل أنتم فاعلون؟.
رسالة للأشرار:
أيها الشرُ المغيرُ..
أرضُنا أرضُ تحدٍ.
كلُ شرٍ تحدى الخيرَ فيها انصرعا
كم أبيِّ قبلنا فيها أبى
أن يرى للقهر فيها ملعبا
فإذا ما البغيُ فيها طالبا
فيئه في الظل لاقى اللهبا
كم عليها من جذوعٍ عانقت
جسمَ شهمِ فوقها قد صُلبا
والشهاداتُ بها كم شاهدت
جدثاً قد ضمَّ ابناً وأبا
لم يجيء يومٌ بخلنا بالدماء
فيه أو كنا نكصنا عن عطاءِ
أو ركعنا في هوان الضعفاءِ
أو حملنا فيه رجسَ الجبناءِ
يا بسالاتِ الفداءِ
إننا شعب فداء
أحلامنا نبتت فوق قبور الشهداءِ
الشاعر/ عبدالله عبد الوهاب نعمان
غالب السميعي
ماذا بعد فشل الانقلاب؟! 1290