"جان شارل بريسار" و"غيوم داسكيه" لمن لا يعرفهما مؤلفا كتاب "ابن لادن الحقيقة المحظورة" يذكر الأول أنه قابل نهاية يوليو 2001م جون أونيل ـ المنسق السابق لعمليات مكافحة الارهاب في الولايات المتحدة ـ والذي لقي مصرعه بنيويورك في 11 أيلول/ سبتمبر 2001م.
كان جون أونيل يحضر اجتماعاً مخططاً لأمن البرجين التوأمين حين ضربت الطائرة الأولى المبنى الذي تركه فور أول ضربة طالباً النجدة، ومنسقاً لعملية وصول الشرطة، وساعياً لإنقاذ الآلاف من سكان نيويورك الذين عرفهم, ولكنه وقبل عودته للبرج اتجه مباشرة نحو مصيره المهلك وقدره المشؤوم..
هذا الرجل كان قد زار اليمن عقب الهجوم على المدمرة الأمريكية "يو أس أس كول" والذي أدى إلى مقتل 12شخصاً من أفراد طاقمها، إذ أوكلت إليه مهمة التحقيق في أعمال منظمة القاعدة الإرهابية، كما وسبق له أن زار السعودية بعد الاعتداء على منشآت الظهران 25يونيو 1996م الذي أدى إلى مقتل 19جندياً أمريكياً.
ما صرح به هذا المسؤول وقتها: "كافة الأجوبة وكافة مفاتيح الحلول التي تسمح بتفكيك منظمة أسامة بن لادن موجودة في السعودية "فبرغم محاولاته للحصول على مساعدة من السلطات السعودية، ومن ملكها الراحل/ فهد بن عبد العزيز, إلا أنه لم يفلح في إقناعه، إذ استجوبت الاستخبارات السعودية المشتبه بهم البارزين, في حين اكتفى مكتب التحقيقات الفيدرالي بجمع الأدلة المادية كي يتقدم التحقيق.
وفيما يتعلق بالعلاقة بين منظمة القاعدة والسعودية؛ فلم تفاجئه استنتاجات التقرير حول المحيط الاقتصادي لأسامة بن لادن وكذا علاقته الوطيدة بالنظام خلافاً لتأكيداتهما العلنية، ناهيك عن المصالح الأمريكية العليا التي أيضا عدها سببا محوريا في إعاقة التحقيقات بشأن قضايا الإرهاب سواء في اليمن أو السعودية، فلطالما تدخلت الدبلوماسية الأمريكية وسفيرتها في اليمن باربارا بودين دون التوغل لأعماق هذه الشبكات الإرهابية، كما ولطالما عجزت في الحصول على أي شيء من المملكة وملكها.
يستهل المؤلفان كتابهما بتصريحات نسبت لجون أونيل - أحد أفضل الخبراء في شؤون الإرهاب - الذي أماط اللثام عن حائل مكافحته واستئصال شافته نظرا لشبكات المصالح العليا للدولة الأمريكية والتي تكون عادة على سلم الأوليات بينما مصالح مكافحة الارهاب تأتي في المرتبة الثانية بعد دواعي المصلحة العليا لهذه الحقيقة ونتيجة لاقتناعه بأنه ما من شيء يمكنه تغيير إيمانه ويبدله ترك الرجل مكتب التحقيقات في شهر أغسطس - قبل شهر فقط من وقوع زلزال 11 سبتمبر – ليستلم مهمته الجديدة كمدير أمن مركز التجارة العالمي، تاركا شهادته كقطعة رئيسية في أحجية مكافحة الارهاب - وفقا واستهلالية الكتاب - فالنفط والمصالح الجيوستراتيجية، والسعودية وطموحاتها الدينية والمالية يمثلان العائق الأكبر في محاربة الإرهاب من الغرب.
وإذا كان قدر جون أنيل أنه قُتل وفي أعماقه يحمل امتعاضا وكرها لهذه الدبلوماسية اللعينة التي أجبرته في نهاية الأمر لترك وظيفته المرموقة؛ بل ومغادرة الحياة كليا؛ فإننا في هذه البلاد المنكوبة نموت قهراً وكمداً وعبثاً ودونما نجرؤ ولو للتعبير عما يجيش في صدورنا من مقت وامتعاض لهذه الشقيقة ورسلها واتباع مذهبها الظلامي العنيف.
فبراميل النفط وعائداته المالية الضخمة كان لها صناعة نظام عائلي متخم بالفساد ومخفور بغلاة الوهابية المتزمتة والمستميتة في طاعة الحاكم المستبد، ومحروسة بجدار من الحماية والمصالح الدولية أظنها وراء استفحال وشيوع ظاهرة العنف المدمر، نعم براميل النفط وريالاته خلف هذا الارهاب المصدر بكثافة إلى أفغانستان وباكستان والصومال والهند وروسيا والعراق وسوريا ومصر وتونس والجزائر والمغرب وليبيا واليمن والأردن ووووالخ.
فما من فتى أفغاني أو يماني يلقي بذاته للهلكة ولمجرد الرغبة بالقتل؟ ما من فكرة إرهابية ملهمة لحركة طالبان أو تنظيم القاعدة أو أنصار الشريعة أو جبهة النصرة أو سواها من الحركات الإرهابية؛ إلا وكانت بذرة هذا الارهاب صحراء قاحلة جرداء إلا من غنى باطنها وثراء حكامها وغلاة كهنتها!
فكل هذه العمليات الانتحارية التي طالما صفق لها السذج والبلهاء باعتبارها عمليات استشهادية تستوجب الفخر والاعتزاز هي في جوهرها مضغة إرهاب، ونبتة شر أمشاجها عقود من الرعاية والاهتمام الرسمي حتى باتت ثمرتها قنابل وديناميت ورصاص وقذائف وأحزمة في متناول فقراء المسلمين في كل مكان.
هذه الأحزمة الناسفة، وهذه السيارات المفخخة، وهذه الهجمات الارهابية الحاصدة للآلاف والملايين من البشر في أفغانستان والشيشان وكشمير والعراق واليمن وفلسطين والجزائر والقائمة تطول لم تأت بغتة ومن العدم، وإنما وجدت وترعرعت وكبرت وتضخمت بفعل دعم دولي ونتاج نهج سياسي خبيث واستغلال بشع وفض للنص المقدس، كما ولا يغفل عليكم حقيقة نشأة هذا الكيان المسخ وكيف تكون من تحالف امراء القبيلة والنفط مع أمراء الفتوى والمنبر ؟.
قلنا مرارا وتكرارا بأان الارهاب ليس سلعة يمنية أو أفغانية مثلما تحاول شقيقتنا الغنية إقناع ماما امريكا؛ بل هو بضاعة سعودية المنشأ والماركة والفكرة والموطن، البعض يستغرب الآن ويندهش حيال هوية منفذي عملية وزارة الدفاع صباح الخميس الفائت، ليت اقتصرت المسألة على هويتهم السعودية لهانت وقلنا الجملة المملة المعتادة" الإرهاب لا دين له أو جنس".
لكنها تتعلق هنا بغسيل لأدمغة مراهقة، جاهلة، جائعة، كما ولها صلة مباشرة بتوطين فكرة ضالة شيطانية في رؤوس هذه الجماعات النهمة للموت البشع والمهين افتداء لنزوة وشهوة مكبوتة لم تعثر على نصيبها في الدنيا مثلما هو حظها في حوريات الحياة الأخرى، هكذا وصل أمرهم ولكأن أبواب الجنة مشرعة لسفاكي الدم غافلين أن قتل النفس دون وجه حق ممهداً لبلوغ الجحيم..
عندما وقفت على مشهد الاشلاء الآدمية المتناثرة في أرجاء المكان تذكرت صديقي الدكتور/ رصين صالح وتعليقه الساخر المتهكم حيال هذه الجماعة الإرهابية، نعم رأيت جثث قتلة سفاحين وهي متفحمة كما وشاهدت سيقانا وأبدانا يلفها السواد من خاصرتها وحتى كاحلها.
مما كتبه صديقي المشاكس في صفحته تساؤله التالي: " لقد كانوا يلبسون بنطلونات ضاغطة على البشرة تشبه الفيزونات.. هل تعرفون لماذا؟ ربما يخاف الإرهابي الكافر أن تنكشف عورته وهو ميت.. فيفتضح يا عيباه.. وهذا تقوى وورع عجيبان جدا: فهو - لعنة الله عليه - يخاف من كشف العورة، ولا يبالي بسفك دماء الأبرياء.. صدق رسول الله في وصفهم: يقتلون أهل الإسلام.. ويدعون أهل الأوثان.. إلى الجحيم أيها المجرمون القتلة الجبناء، فأنتم خزايا مفضوحون في الدنيا والآخرة ".
محمد علي محسن
الإرهاب وحقيقته المحظورة !! 1789