إن الفصل بين ما هو سياسي وما هو أخلاقي لا يؤدي إلى تقويض أركان المجتمع الإنساني وهدم أساساته فحسب٬ بل يعمل على تخريب روح الإنسان.
وكما قال المفكر الجزائري مالك بن نبي رحمه الله: "إذا كان العلم دون ضمير خراب الروح فان السياسة بلا أخلاق خراب الأمة ".
والأخلاق جزء لا يتجزأ من الرؤية الذاتية للإنسان٬ والتي تحدد له إلى حد كبير صورة العالم الذي ينتمي إليه٬ و بما أن السياسة هي واحدة من أهم مجالات النشاط الإنساني ، فإنها لا يمكن أن تكون منفصلة عن الأخلاق لأن الإنسان شاء أم أبى كائن اجتماعي وكائن أخلاقي، كما يقول الباحث في التواصل السياسي الدكتور/ رضوان قطبي.
لذا فإن العالم اليوم يئن تحت وطأة الأنانية وغلبة المادية والرغبة في الهيمنة والاستحواذ على الإنسان والطبيعة، ويعاني أزمة أخلاق صيرت الحياة الإنسانية إلى مجرد لعبة قمار تنتهي برابح واحد وخاسرين كثر. هذا الواقع البئيس يجعلنا نتساءل حول علاقة السياسة بالأخلاق.
ولعل من المعتقدات الخاطئة ما صار راسخا في الأذهان السياسية بأن السياسي الحقيقي هو القادر على الوصول إلى السلطة بأي وسيلة فلا مانع من المتاجرة بالقيم والتذلل لتحقيق غايات وأجندات معينة لا يحكمها معيار الأخلاق ٬ بل تخضع لمعيار ميكيافيلي" الغاية تبرر الوسيلة ".
فالاستيلاء على السلطة والاحتفاظ بها خدمةً لمصالح فئة أو طائفة أو جماعة سياسية على حساب بقية المواطنين ورغما عن إرادتهم ، تستوجب توظيف كل الأساليب القذرة والمتاجرة بالقيم للحفاظ على السلطة المغتصبة فزمرة الاستبداد تعمل على تعميم أخلاق الخنوع والذل والهوان والدجل والوشاية.
في المجتمعات المتحضرة على وجه الخصوص - نجد أن الاتجاه السائد هو إضفاء الطابع المؤسسي على المعايير الأخلاقية في الشؤون السياسية ٬ ويتجلى ذلك في احترام حقوق الإنسان٬ و العدالة الاجتماعية٬ و الإقرار بالمبادئ الديمقراطية في الحياة٬ و تعزيز الأسس القانونية للمجتمع٬ وتكريس مبدأ المواطنة.
إيمان سهيل
السياسة بلا أخلاق..خراب الأمة 1875