;
محمد علي محسن
محمد علي محسن

الجنوب وهبة القبيلة والخطبة!! 1847

2013-12-20 18:53:48


القبيلة يا قوم لا تؤسس لوطن ومواطنة، فالقبيلي كائن عضوي انتماؤه الوحيد لقبيلته وعشيرته، كما وموطن القبيلي صغير وضئيل لا يتعدى مضارب بني عرقه وفخيذته، كذلك هي خطبة الجمعة عندما تتجاوز رسالتها كموعظة حسنة غايتها تهذيب النفس والذهن معا وبما يجعل السلوك البشري متزنا ومقننا بوازع التقوى الإيمانية.

 الصلاة صلة إيمانية روحية بين العابد والمعبود والفقه الشرعي في مجمله منظومة قيمية روحية إنسانية حياتية مقصدها الأساس الإنسان وحفظ كينونة حياته ومعتقده ونسله وماله وكرامته ومصلحته.

لذا وحين أسمع الآن بهبة جنوبية تقودها قبيلة أو قولوا قبائل؛ فإنني أشعر بالفزع على ذاتي وانتمائي ومستقبلي، وحين أسمع بهيئة شرعية جنوبية تدعونا وبفتوى أو بيان إلى ثورة شعبية لاستعادة الدولة وتقرير المصير؛ فإنني أحس بوجع غريب يتسرب إلى أعماقي، لكأن نصلا مسموما تغلغل غيلة وعلى غفلة مني ممزقا ما بقي في نبض فؤادي من حياة وأمل ومحبة وتطلع لمستقبل جدير لأن نعيشه بحرية وكرامة وعدالة.

أما وحين تكون الدعوة لهذه الهبة الشعبية من قبائل حضرموت ومن هيئة مشايخ في عدن؛ فإنني بكيت كطفل كظيم فقد والديه بغتة وفي حادث مروع وأليم، فحضرموت وأيا كان مرارة مصابها، وأيا كانت مأساة أبنائها.

وأيا كان عبث قوم يأجوج ومأجوج في مقدراتها وثروتها وثقافتها تبقى في النهاية حضرموت الحضارة والتاريخ والمدنية والتعايش الإنساني والمواطنة المتساوية المتحضرة والاحترام والتبجيل لثقافة التسامح الديني والفكري التعددي وغيرها من الأشياء النفيسة التي تمايز بها الحضرمي عن سواه كما وبها قدر له التمدد لأصقاع جغرافية في الهند والخليج وجزر القمر والقرن الأفريقي وسواحل أفريقيا وحتى جزر جاواه وماليزيا وإندونيسيا وووالخ.

إما وعندما تكون الهيئة الشرعية هي ممثل عدن ومحافظات الجنوب قاطبة؛ فبكل تأكيد المسألة خطرة, كفيلة باستدعاء ما هو أكثر من القلق أو النحيب على عدن والجنوب عامة, ففي كل الأحوال القبيلة والمطاوعة ليسوا مؤهلين مطلقاُ لقيادة دفة وطن وشعب والبلوغ بهما إلى مصاف الحضارة والحداثة والمدنية باعتبارها جميعاً غاية جوهرية تسعى لتحقيقها معظم مجتمعات العصر الراهن.

نعم حزين جدا بكون الجنوب ينحدر إلى هذا المستوى المخيف المفجع؛ ومع ذلك مازلنا نعتقد أننا في جادة المستقبل المختلف كلياً عن واقع نعيشه في كنف القبيلة وكهنة الدين.. أين الاحزاب السياسية؟ أين النخب الفكرية والمدنية؟ أين النقابات وأين مكونات الحراك وأين القيادات الجنوبية وأين البيض وباعوم وناصر والعطاس وبن علي ومسدوس والشنفرة والخبجي ووووالخ من المسميات والأسماء؟.

أين ذهبتم يا من صدعتم رؤوسنا بتصريحاتكم وبياناتكم ودعواتكم للزحف؟ أين أنتم يا رجال الحداثة والتحضر والدولة الجنوبية الراقية المتطورة الديمقراطية؟ أين ذهبتم يا دعاة الدولة المدنية المتحررة من أغلال التخلف والعبودية والاضطهاد الممارس الآن في دولة سدنتها مشايخ القبيلة والفتوى الدينية؟

لست هنا بمقام من يتشفى؟ لكنني فقط أعجب وأتعجب من هذا التناقض المخيف، فثورة الشباب تعيبون عليها بكونها مختطفة من أشياخ القبيلة والدين فيما انتم تسلمون ثورتكم وبكل غباء ورضاء لهؤلاء المشايخ الذين يتصدرون المشهد الجنوبي.. نعم إنكم هنا تماثلون أولئك الأغبياء الأفغان الذين مكنوا ملالي طالبان من حكم بلدهم وإذا بهم ومن حيث لا يعلمون يمكنونهم من إعادة أفغانستان إلى العصور الحجرية.

الجنوبيون كذلك حين يغامرون بنضالهم وثورتهم ودولتهم، فمع تضامني الكامل مع أسرة الشيخ سعد بن حبريش ـ الذي قُتل ظلماً وعدواناً ـ ومع احترامي وتقديري لكافة قبائل حضرموت المستنفرة قواها اليوم كيما تقتص لمقتل أحد رجالها الأفذاذ، ومع احترامي – أيضا – للشيخ بن شعيب وأشياخ هيئته الشرعية؛ فإنني لا أجد في هكذا صرخات ودعوات ما يجعلني أطمئن بأن المستقبل سيكون أفضل وأن مجتمع الجنوب سيكون انحيازه فقط للدولة الحديثة القائمة على أساس العدالة الاجتماعية وحرية المعتقد والفكر والمواطنة المتساوية والرفاهية وسواها من قيم الدولة العصرية، فكل ما أراه من مظاهر الكفاح يؤكد فقط أن الجنوب وفي حال مضى خلف أشياخ القبيلة والمذهب فإنه كمن ينحر دولة ووطن قربانا للعبودية والكهنوتية.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد