يمر المغترب اليمني عامة في الشقيقة السعودية والتي نأبى إلا أن نسميها شقيقه بأصعب الظروف وأحلكها, بعد أن شددت في إجراءاتها القانونية التي لا ندري أهي نابعة من حرصها على السلم الاجتماعي والنظام, أم أنه رد فعل لنتاج سياسي أفرزه المتناحرون على كراسي السياسية؟ وكان المغترب هو الضحية والقربان الذي تأكله نار السياسية.. وأضيف إلى رصيد المعاناة التي يمر بها المغترب معاناة أخرى هي أشد مرارة وأكثر قسوة بعد أن بات المغترب مهدداً بالطرد في أي لحظة والتنكيل به وفقدانه للغالي والنفيس الذي بذله من أجل بلوغ حلمه المضنى الذي لم يأت إلا بشق الأنفس والذي لم يتمنه يوماً إلا أن الحياة وضنك المعيشة وقسوتها هي من أجبرته لأن يتركه أهل ووطنه ويقبل بذلك الذل والمهان والشتم والسب والقذف بأبشع الألفاظ التي لا يحتملها أي إنسان مهما بلغت به الحاجة والفاقة والعوز..
ومع مرارة الاغتراب والتغرب عن الوطن والأهل وضياع سنوات العمر بين الترحال والتنقل وإهدار الكرامة واستباحة ماء الوجه من قبل بعض (السوقيين) الذين لا يفرقون بين الإنسان والحيوان, بل أنهم يقدسون الحيوان ويحترمونه ولا يقيمون للمغترب اليمني أي قيمة أو أهمية, يكابر المغترب ويتحمل كل هذا ويتناسى ما يحدث له ليس لشيء ولكن لان قسوة الحياة ومتطلباتها وضنك المعيشة وأسرته التي تنتظر منه أن ينتشلها من جب المعاناة وقعر الفقر المدقع؛ تفرض عليه أن يتعامل بلامبالاة مطلقة وبرودة تفوق أي قوة لأجهزة (التبريد) عالية الجودة ويقابل كل هذا بابتسامةٍ مصطنعة تنبع من جوفها المترع بالإلام وترتسم على شفتيه التي تكاد تحرقها نيران الأحشاء.. معاناة المغترب اليوم ربما تفوق حدود المعقول والمعمول به في أساليب الترهيب والإذلال وتعدت المسموح به مهما كانت الحجج والذرائع التي يتحجج بها الأخوة في السعودية, من أجل طرد أكبر عدد ممكن من المغتربين تمهيدا لطرد الباقية البقية في الأعوام المقبلة, مالم تحدث معجزة تغيير طريقة التعامل وتوجد شيء من الود والألفة بين المغترب والسلطات السعودية وتجنب الكثير من أسر المغتربين خراب (البيوت) وضياع الأبناء بعد أن أفنوا جل أعمارهم في الغربة والترحال ودون تأمين لمستقبلهم في وطنهم الذي تنكر هو الآخر لهم وبات تأمين المستقبل فيه شيء يرقد في جنبات المحال..
إن لعنة السياسة في اعتقادي هي السبب الأول والأخير في معاناة المغترب والسياسيون هم من يتحملون وزر المغتربين وضياعهم وتلك المعاملة التي يلاقونها في أرض الإغتراب,لانه وفي حال أتفق المتناحرون في السياسة فمن الطبيعي جدا أن تسوى كل القضايا العالقة وتحل تلك الإشكاليات التي يدفع ضريبتها البسطاء من المواطنين.. جل ما نرجوه من المعنيين في الوطن وضع الحلول المثلى ومعالجة كل القضايا التي يعاني منها المغترب في دول الاغتراب وحفظ شيء من ماء الوجه للمغترب اليمني الذي أذلته السياسيات وإفرازاتها وخلافات السياسيون, وان يستقبلوا تلك الأفواج العائدة من الأراضي السعودية براحبة صدر وأن يستشعروا شيء من معاناة هؤلاء الذين لا ناقة لهم ولا جمل في خلافاتكم..
فهد علي البرشاء
المغتربون..! 1286