عندما نتحدث عن دولة مدنية يا ترى ماذا نريد من وراء ذلك؛ أليست العدالة الاجتماعية التي ينشدها الجميع في الشمال والجنوب والشرق والغرب؟, أليست المساواة في المواطنة و الحقوق والواجبات وتكافؤ الفرص هي القصد والمطلب والتي يبحث عنها التهامي والتعزي والحضرمي والصعدي والمحويتي والعدني والابي وليس الجنوبي فحسب, مالكم كيف تحكمون أم الأمر اقتصر على مظلومية جزء وفئة دون أخرى، ألم تكن الأنظمة الشمولية في الجنوب والشمال قد إساءات في استخدام السلطة وبددت الثروة وبشكل متوازٍ وبطريقة وأساليب ربما مختلفة وظلم اثر ذلك على المواطن الحضرمي و التهامي و التعزي والمهري والصعدي وو.. إلخ.
ولم تفرق تلك الأنظمة الفاسدة والظالمة بين مواطن ومواطن إلا في مساحة وشكل وأسلوب القهر والظلم.. ألم تكن حكومات اليمن بشماله وجنوبه ومنذ قيام ثورتي 26 سبتمبر 1962م و14 أكتوبر 1963م هي ذاتها من كرست للقبلية و للمناطقية والجهوية والقروية, فسيطرت كل فئة على الحكم هنا وهناك وأسست لكم الفرد الواحد و الحزب الواحد والشلة الواحدة وبصورة مستفزة لحياة وشعور اليمنيين في الشمال والجنوب وعلى حد سواء ولم تراعى تلك الحكومات لا قيم ولا أخلاق ولا أية أسس ومعايير للتعينات في المؤسسات العسكرية أو الوزارات السيادية فتسلطت شلل وشخصيات بعينها من مناطق وقبائل بعينها من هذا الشطر أو ذاك دون ادني اعتبار لبقية أبناء اليمن في الشمال والجنوب والشرق والغرب دون استثناء فطال الظلم والتهميش تعز وأبناء تعز كما طال أبناء تهامة وأبناء صعدة في الشمال على سبيل المثال لا الحصر مثلهم مثل أبناء حضرموت والمهرة وشبوة أو غيرهم من أبناء محافظات الجنوب إبان حكم الحزب الواحد للجنوب وكذلك كانت معاناة أبناء الشمال لا فرق بين هذا المواطن أو ذاك؟. ألم تكن مطالب كل اليمنيين في الشمال والجنوب هي عدالة اجتماعية ومساواة وحرية وكرامة ؟ أم كانت المطالب الحقوقية حكرا على الجنوبيين دون إخوانهم في الشمال؟.
صدقونا نحن لا نريد أكثر من حقوقنا ولا نبحث عن أية امتيازات لنا دون الآخرين في الجنوب أو في الشمال نحن ننشد دولة مدنية يصعد فيها الكفؤ للمنصب وللإدارة وللمؤسسة أي مؤسسة بغض النظر عن انتماؤه الحزبي أو المناطقي أو القبلي أو القروي وتحمل اليمنيين فترة العامين الماضيين بكل تبعاتها من تعينات ومحاصصة حزبية في ظل وجود كفاءات كثيرة تقبع في المنازل وأخرى مهجرة تعمل في دول الجوار وفي مواطن أخرى من الشماليين قبل الجنوبيين ويصعب إيراد قائمة بالأسماء حاليا لكن بالإمكان تقديمها في وقت لاحق ورغم ذلك تحمل الشعب اليمني المعاناة من قطع للطريق ونهب للممتلكات وضرب الكهرباء والنفط والغاز وانعدام كل الخدمات خلال الفترة الماضية أملا في إن يخرج مؤتمر الحوار الوطني بمشروع وطني جامع ،يجمع ولا يفرق يصلح ما أفسده الدهر ولا يشتت اليمنيين ،يتسامى فوق الجراح ويفتح صفحة جديدة بين اليمنيين ولا يجعل هناك ثغرات أو نقاط ضعف أو هشاشة في اللفظ أو التعبير قد يستغلها أي طرف من الأطراف التي فقدت مصالحها مستقبلا ليشق الصف ويعيدنا إلى نقطة البداية وكأننا مثل ما رحنا جينا..
حقيقة رغم تحفظي الشديد على مؤتمر الحوار الوطني ومنذ بداية انطلاقه قبل ثمانية أشهر إلا إنني لم أكن أتخيل بالفعل أن يخرج علينا الإخوة والأخوات بتلك الوثيقة الهزيلة التي تكرس للمناطقية وللعنصرية والظلم لفئة بل لغالبية أبناء اليمن وبالواضح والصريح وعندما تقول رايك يرد عليك البعض دعونا نجبر الضرر، وهل يجبر الضرر بضرر ومفسدة أعظم من الضرر السابق..
يا ساسة: اليمنيون لم يظلموا إخوانهم الجنوبيين،هناك نظام بل أنظمة سابقة ظلمتنا جميعاً وحرمتنا جميعا من الوظيفة العامة وبددت ثرواتنا وصادرت الحقوق واستباحت الوطن شماله وجنوبه فلماذا تحملوننا ما لا يمكن احتماله .. ثم في أي قانون أو تشريع يكون جبر الضرر بمنح فئة أو طائفة امتيازاً عن بقية أفراد الشعب وأنت تنشد الدولة المدنية دولة الحقوق والحريات والمواطنة المتساوية ؟ ثم إننا لم نسمع من قبل بنصوص تشريعية تعطي لفئة من الشعب دون الأخرين وفي ظل حكم برلماني و ديمقراطي امتيازات انتخابية وحقوقا في المواطنة دون بقية أبناء الشعب هذه سابقة خطيرة لم نسمع بها من قبل ؟
إذا كان لابد فقد تم إنشاء صندوق التعويضات للجنوبيين ومن له مظلمة يقدم وثائقه وتشكل هيئة نزيهة مشهود لها بالكفاءة والخبرة تتولى إدارته, فتقوم بتعويض وجبر الضرر عن المتضررين ،حتى لو استدعى الأمر تخصيص جزء من ميزانية الدولة ولعدة سنوات لا مشكلة لدى اليمنيين أما أن يكون جبر الضرر وكما جاء في نص الوثيقة كحل للقضية الجنوبية وبتطبيقها سوف تنتج لنا مستقبلا عشرين قضية شمالية فهذا ما لا يمكن قبوله أو السكوت عنه ولو تم تمريرها, فهي الكارثة بذاتها ولن يكون هناك مناص من الخلاف وإنتاج الأزمات والاحتراب والفوضى مستقبلا..
كنا نتوقع أن يخرج مؤتمر الحوار الوطني بمشاريع كبيرة تحل مشاكلنا الاجتماعية والسياسية والثقافية والتربوية وحقيقة لقد فوجئنا وكثير مثلنا بتلك الوثيقة المفسدة
كان من المفترض أن نكون بعد ثمانية اشهر حوارات ومشاورات ومناقشات قد توصلنا إلى حلول جذرية للمشاكل الصغيرة والكبيرة وتمكنا من القضاء على مخلفات الحكم الشمولي بكل تبعاته لكن وبكل أسف أقولها وأتحسر على الجهد والوقت الذي اهدره أعضاء مؤتمر الموفنبيك طيلة ثمانية أشهر ليخرجوا لنا بمثل هذه الوثيقة العنصرية والتي إن تم الإصرار عليها وتمريرها وعلى ما هي عليه, فإنها ستكون بمثابة القشة التي سوف تقصم ظهر البعير ويتبدد معها أحلام اليمنيين ولن تقوم لنا قائمة لا في الشمال ولا في الجنوب لأنها وبصريح العبارة سوف تكرس لتسلط فئة على فئة وسوف تؤسس لاحتكار فئة للمناصب والوظائف وتولى رئاسة وإدارة المؤسسات لفئة دون أخرى وسوف تؤسس لإعادة إنتاج المناطقية والعنصرية الكريهة وبأبشع صورها.. وأخيراً لقد تمخض الموفنبيك فولد فأراً مشوهاً وميتاً..
اللهم انى بلغت.. اللهم فاشهد..
عبدالباسط الشميري
تمخض الموفنبيك فولد فأراً ميتاً ومشوها!! 1487