ما نحن بصدده اليوم من دعوة للعنف وتشجيع على الاقتتال من قبل البعض لا يخافوا أن يكونوا فتيلاً يشعل النار إلى يوم يبعثون، وبدلاً من حشد الطاقات والجهود بأقصى ما يمكن للوصول إلى حلول سلمية وعقلانية ومتوائمة, مع احتياجات المرحلة يبذل هؤلاء كل ما بوسعهم لتأجيج النار في قلب الوطن بائعين ذممهم ووفاءهم له مقابل الاستنصار لأهل الوصاية الأشاوس! ويزيد إعلامهم الطين بله حين يتحدث عن احتلال وانسحاب وانتقام للشهداء ومشاريع هدم أخرى لا يعلمها إلا الله، أصبحت هناك أكاديمية للعنف داخل الوطن؛ لأنها تؤهل لذلك كادراً متخصصاً، وتسعى لاستقطاب الآخرين ممن يرون فيه هواية يجب تطويرها لتتحول إلى حرفة أو مهنة أو تخصص.. فما هي الفائدة التي يرجوها من يضيع راس ماله في الترويج للكساد؟ وهل يمكن عن طريق كل هذا أن يعود الجنوب جنوباً والشمال شمالاً؟ قضية الجنوب قضية مظالم يجب أن تعود لأصحابها، وليست قضية حدود وولاء وانتماء لأن أهلنا في الجنوب هم أهلنا في الشمال ولن تفلح دعاوى العنف هذه لاجتثاث إرادة شعبية صادقة لا تسمح لها السياسة هناك بالخروج المطلق للتعبير عن حرية الانتماء لوطن يسكنه الجميع ويتعايش على أرضه أبناء اليمن بشماله وجنوبه، الدموية التي لازالت صفحة في تاريخ أبناء الجنوب غطت على مشاعر الوطن الكبير خاصة وأن هناك من يقرأها على طريقته الخاصة صباح مساء!
فإذا كانت الوحدة ومحاولة الإعمار قد فشلت من وجهة نظرهم في بناء ثقافة اجتماعية جديدة قائمة على الحب والتسامح والتعايش مع الجميع؟!.. لا نتحدث عن المهاجرين والأنصار، لأن كلا الفريقين لم يستطع أن يكون مهاجراً، وكلاهما فشل أيضاً في أن يكون نصيراً، لكن دعونا نتحدث عن مظالم واستحقاقات لابد أن تعود لأصحابها، ولا يمكن أن يعم أمن أو يحدث سلام إلا في ظل عدالة اجتماعية واقتصادية شاملة، وهذا بالضبط ما نحتاج إليه في وطن اليوم في اليمن فمجتمع اليوم ليس هو مجتمع الأمس، والرغبة في بناء الذات اليوم أقوى من أي وقت مضى، فالكل يريد أن يعمل ويبني ويوجه طاقاته وقدراته ويستفيد من كل إمكانيات واقعه المادي أو الاجتماعي، وبالإضافة إلى ذلك فإن الطاقة الشبابية المتفجرة في قلوب هذا الجيل ينبغي أن لا يستهان بها؛ لأنها مبنية على منهجية احتياج قوية جداً ولم يتسلل إليها العنف إلا عبر سياسة التحريض والكراهية التي يدعو إليها أرباب القرار السياسي الفاشل ويتبعهم فيها أصحاب الهمم والنفوس الأكثر تبعية وفشلاً.
ألطاف الأهدل
أكاديمية العُنف! 1406