مرت ثلاث سنوات منذ انطلاق شرارة الثورة العربية في بعض الأقطار التي طفح فيها الفساد وعم الاستبداد وصودرت حقوق الشعوب وغدت البلاد مسرحاً للنهب والسلب والإذلال, يمارس فيها النظام كل صنوف التنكيل والتشويه بمعارضيه, كانت الانطلاقة من تونس وأصبحت الفرصة مواتية لتساقط الأنظمة في الأقطار الأخرى.. أطلق مصطلح الربيع على الانتفاضات والبعض أسموه خريف الأنظمة وهو المعنى الراجح, كون الخريف يسبق الربيع وبعد تساقط الأوراق التالفة يكون بزوغ أغصان الأشجار
نعم.. سقطت الأنظمة شكلياُ وغُسلت شوارع بع ض البلدان وميادينها بدماء الأحرار التي شكلت بدمائها ألواناً شتى من الورود وطهرت الأرواح من أوشاب الضيم والإذلال وتناثرت أزاهير الحرية والسلام في الطرقات والشوارع وكل الميادين.. الألوان الزاهية الجذابة والأنساق الثورية المتناغمة والأصوات الصداحة بمعاني وقيم البناء والتنمية تعالت من كل الأزقة وارتفعت هتافات الأحرار تحت شعار واحد أوطان حرة.. ديمقراطية جديدة وبلدان مدنية وإنسان حر كريم..
مطالب هي المحرك الرئيسي للتيارات الجارفة من الأمواج البشرية التي تلاطمت على شاطئ السلام الذي يشكل السياج الأول لجهودهم الرامية لزلزلة عروش الطغاة واستعادة الدولة المختطفة من قبل عصابات تحكم باسم الديمقراطية وشرعية الشعب في الوقت الذي تعمل جاهدة من أجل تكميم الأفواه وتكبيل الأقدام وعصب العيون كل هذا باسم الديمقراطية الجوفاء وحقوق الإنسان المفرغة من المضمون..
واليوم وبعد ثلاث سنوات على الانطلاقة يتساءل الشباب هل حققت الثورات أهدافها, طبعاً لا يمكن الجزم بإجابة في هكذا قضية معقدة ومتداخلة ومتشابكة لكن يمكن القول إننا نسير في طريق للتأسيس للدولة المنشودة طموحات الأجيال الصاعدة يمثل الهاجس الأكبر لدى الأنظمة التي أتت بعد الثورات وعلى أكتاف الشباب؟
هنا أريد أن أقول للشباب يجب أن تظل أعينكم مفتوحة على خط سير الثورة يجب أن لا يتطرق اليأس والملل إلى عقولكم وقلوبكم, يجب أن لا تسمعوا لقوى الثورة المضادة التي تلعب على وتر أن تضحياتكم تذهب هدراً وأن القوى التي فقدت مصالحها تحاول تسريب الانكسار والخمول واليأس إلى أصحاب الأرواح المتوقدة انتقاماً منها لأنها أفقدتهم مصالحهم ودكت عروشهم, على الجميع أن يعرف أن مرحلة البناء صعبة وأن الفترات الانتقالية هي الأكثر تأزماً على مدار التاريخ, كونها مرحلة مفصلية وتقع بين فكين الأول: الأنظمة التي سقطت ولم تستسلم للأمر الواقع وتعمل على لملمة أوراقها أو ترتيب نفسها من أجل الانقضاض على أحلام الشعوب مستخدمة أموال الشعوب التي نهبتها وإمكانات الدولة التي سخروها لمصالحهم الخاصة من أجل ضمان مستقبلهم..
أيها الشباب عليكم أن تعلموا أن التركة ثقيلة والطريق شاقة وتطلعات الشعوب عالية والإمكانيات محدودة والقوى المضادة متكالبة متظافرة على وأد الحلم الذي مازال في مهده.. يعملون على إرباك المشهد القائم حتى نترحم عليهم لكننا نقول لقد جربناكم طويلاً ونعرف جيداً دسائسكم وندرك أعمالكم الدنيئة وسنعمل ما دمنا على قيد الحياة على التصدي لمؤامرتكم ونشكل بأجسادنا أسواراً نحمي بها مشاتل الحرية وحدائق السلام وينابيع العطاء التي نبني منها دولتنا الحديثة ونؤسس لنظام مدني يحمي الحقوق والحريات.
لن نكل ولن نمل ولن نيأس وسنظل نعمل بكل شموخ وبكل جهد متسلحين بثقافة التسامح والحب والتفاؤل والعمل بروح الفريق الواحد لنقطع صلتنا مع الماضي البغيض ولن نندم على عهدكم البائد فطعم الحرية ونكهة المستقبل علمتنا طريق التقدم وأزاحت عن طريقنا أشواكم التي زرعتموها لإرهابنا فخاب ظنكم أمام أرواحنا وقلوبنا وعقولنا المشرقة الوثابة التي تحتضن المستقبل بكل دفء وحميمية.
محمد المياحي
أزاهير الربيع..هل أثمرت!؟؟ 1360