اتجاهان رئيسيان بالعموم يتجاذبان نتائج مخرجات الحوار الوطني، وكل منهما يعبّر عن ثقافة وقوى سياسية واجتماعية بشكل عام..
الاتجاه الأول: يكافح ويناضل بكل السبل والوسائل من أجل انتهاء الحوار الوطني والانتقال للفعل التغييري والبدء بإسقاط تركيبة الحكم القديم وصيغته التي ظلت تحكم سيطرتها على سلطة الحكم على امتداد قرون ماضية من الزمن، وأوصلت البلاد إلى طريق مسدود، وهذا التغيير سيتم عبر آليات تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وتأسيس وبناء صيغة وتركيبة سلطة حكم جديدة تتجسد في دولة اتحادية حديثة معاصرة, تمثل كل اليمنيين وتتوافق مع الحقائق الجديدة المتغيرة، وتقود مسيرة البلاد الوطنية نحو النهوض من الحداثة والمعاصرة في جميع مجالات الحياة، ولاشك أن هذا الاتجاه يعبّر ويستند إلى شباب الثورة وقوى ومكونات سياسية واجتماعية أكثر وأوسع انتشاراً وثقلاً وتأثيراً في المجتمع وخاصة الطلاب والأكاديميين والمثقفين والصحفيين والواعين لأهمية الدولة المدنية الحديثة, وكذلك يضم كل الوطنيين المخلصين من كل الأحزاب والاتجاهات، وهذا الاتجاه مصمم على حسم الصراع لصالح مشروع الدولة الحديثة، ولن يتراجع ولن يقبل بالتقهقر والعودة إلى الخلف, مهما كان حجم التضحيات وجسامتها، وهذا الصراع تحتمه قوانين التدافع والتحول والتداول السننية نحو الأمام والجديد والأفضل، ولا مهرب من التدافع والسير نحو التحول وتحمل كل تبعاته وتضحياته وتكاليفه الباهظة التي تكون عادة مقبولة بالنظر إلى ما سيتمخض عنه بالأخير من نهوض حضاري وتقدم وازدهار معاصر وحياة أفضل, حرة وكريمة وإيجابية..
الاتجاه الثاني: وقع على وثيقة مخرجات الحوار الوطني, خوفاً من القوى الدولية ولكنه يعمل مستميتاً وموظفاً كل قوى التخلف والجماعات المسلحة وقطاع الطرق وضرب الكهرباء وأنابيب النفط والاغتيالات وتوظيف كل القوى والمكونات السياسية والاجتماعية المساندة له, من أجل الحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه من خلال مخرجات الحوار الوطني والحفاظ على صيغة وتركيبة السلطة الحاكمة والبقاء على الدولة التقليدية القديمة والحيلولة ما أمكن دون سقوطها النهائي والكامل والشامل، وهذا الاتجاه يستند إلى قوى الجهل والبطالة ومكونات سياسية واجتماعية تحكمها مصالح وامتيازات ومكاسب تحققت لها في مرحلة حكم المرحلة الماضية ومن خلال تركيبة السلطة والدولة التقليدية وتخشى هذه القوى من ضياع مكانتها ومصالحها في ظل سلطة حكم ودولة وطنية مؤسسية حديثة ومعاصرة..
ولهذا نراها تجاهد وتستميت بمختلف السبل والوسائل للإبقاء على الفوضى، أن هذا الاتجاه تقليدي عقيم, يأبى الاستسلام والتنازل عن مواقعه ومكاسبه ومصالحه وسيقاوم حتى نهاية الشوط..
إن على قوى التغيير الثوري الجديدة وقيادتها أن تعي وتدرك تمام الإدراك أن بناء الوطن والحفاظ على مستقبل أبنائه لن يتحقق إلا في ظل الدولة الوطنية الحديثة والمعاصرة، وهذا يتطلب تحمّل مسئولة جسيمة وخطيرة ينهض بها قادة أفذاذ ولا يمكن أن تنجز وتتحقق بسطحية واستخفاف وعبر أساليب التسلق والارتجالية، ولا بالتكتيكات والمعالجات التآمرية ولا تقوم عبر توزيع امتيازات وارضاءات لهذا المكون أو ذاك من مكونات الشعب بهدف إغرائهم واستمالة وكسب تأييدهم لتحقيق دعاية سياسية سريعة وفارغة للقادة والحكام إذ أن كل بناء وفقا لتلك الأساليب مصيرها حتما الانفجار والتفكك، وهي أساليب النظام السابق التي أثبتت فشلها..
والله الموفق
محمد سيف عبدالله
انتهاء الحوار وتنفيذ مخرجاته بين توجه للتغيير وتوجه للتخريب والفوضى 1384