نعاني كثيراً في أوطاننا العربية من مشكلة إنكار الذات, التي تؤدي إلى زوال الهوية، وهذه المشكلة تزداد تفاقماً في البلدان الفقيرة ذات المحدودية الاقتصادية، صاحبة البنية التحتية التي لا تلبي احتياجات الفرد فيها كإنسان وليس كمواطن فقط.
كل فرد في الدولة يبني نفسه وأفراد عائلته وحتى قبيلته لتكون كياناً مستقلاً عن الدولة بكل عدتها وعتادها، فالمنطق السائد هنا هو البقاء للأقوى فقط، في بلاد الله التي لا يصلي الناس فيها ولا يصومون ولا يذكرون الله ولا يستغفرون يعيش الناس سواسية، وكل يأخذ فرصته الكاملة في الحياة والعيش الكريم.
لكن في بلادنا الأطفال يُغتصبون، والشباب يُغيبون عن واقعهم بتوجيه طاقاتهم نحو إشباع الغرائز، والنساء يُعطين فرصة للتعبير عن حريتهن بطريقة خاطئة، والرجال لا حول لهم ولا قوة, إلا فيما يخص المصلحة فالأمر حينها أنا ومن بعدي الطوفان! في أميركا كمثال يحلو للعرب الاستشهاد به دائماً تتوجه سياسات الحكومة إلى تحقيق الذات الإنسانية داخل كل مواطن أميركي، لذا فإن مشاعر الاعتداد بالنفس تحطم الرقم القياسي في هذا المضمار.
لكن هل للأميركي قلب وعقل وكيان لا يملكه الإنسان العربي؟. بالطبع لا، لكن له ساسة وكبار يضعونه في رأس الهرم التنموي والديمقراطي، بينما يضع الساسة العرب مواطنيهم في الدرك الأسفل من هرمنا المجتمعي والإنساني.
في دراسات كثيرة أثبت العلماء أن الإعلام الأميركي يبث أقوى وأكثر وأضخم البرامج العلمية والاجتماعية والثقافية لكن المواطن الأمريكي وبكل أسف لا يعلم عن هذا الإعلام إلا رؤوس أقلام فقط، ففي دراسة إعلامية أجريت قبل سنوات تمكن 69% فقط من الأميركيين تحديد هوية (ديك تشيني) كنائب للرئيس حينها بينما تمكن 74% منهم من تسمية نائب رئيسهم (جورج دبليو بوش) في 1989م.
بالإضافة إلى أن 36% منهم فقط تمكن من التعرف على شخص الرئيس الروسي، دراسات أخرى أثبتت أن الحكومة الأميركية تتبع سياسة التخصص العلمية المبكر والذي يمكن من خلالها السيطرة على مشاكل الفهم والاستيعاب لدى الطلاب الذين يقل ذكاؤهم عن المستوى المتوسط، بالإضافة إلى أنها تهدف إلى رعاية الموهوبين وإعطاء النوابغ أو العباقرة فرصة كافية لتقديم أفضل ما لديهم منذ وقت مبكر، وهذه السياسة تتنافى تماماً مع سياسة أوطاننا العربية التي لا تعطي الفرص العلمية إلا لأبناء المسؤولين والذين غالباً ما يفشلون في الاستفادة من تلك الفرص.
الإنسان العربي بشكل عام واليمني بشكل خاص لا يستفيد من عضويته الوطنية إلا في مواسم الحصاد السياسي، لكن بعدها يصبح العتبة التي تدوسها أقدام الساسة كل لحظة عبر قرارات جائرة ومواقف لا مسؤولة.
ألطاف الأهدل
الأميركيون أقل ذكاءً! 1544