;
محمد علي محسن
محمد علي محسن

مصيبة ياسين أم نكبة شعب؟! 1604

2014-01-20 19:13:49


لينا وجنينها وطفلتيها "ياسمين" ستة أعوام و"يسرا" ثلاثة أعوام، أُم حامل في شهرها السابع وفلذتي كبدها قتلوا ظلماً وعدواناً فضلاً عن رب العائلة المنكوبة "ياسين" الذي مازال في العناية الفائقة وحالته حرجه بفعل إصابته الناتجة عن قذيفة مدفعية أطلقها حماة الوطن والثورة والوحدة على مسكنه وأسرته مساء الجمعة الكئيبة.

الجمعة المشؤومة 27 ديسمبر أطلقت دبابة الجيش حمم قذائفها على مدرسة سناح موقعة مذبحة بشرية بين جموع المعزين، أطفال وفتيان ورجال يفترشون بهو المدرسة وفجأة تنهال على رؤوسهم دانات مدفع مجنزرة محيلة مكان العزاء إلى كومة من الأشلاء المتناثرة وإلى بقعة مطلية بلون قاني نازف والى مقبرة كبيرة لجثامين الشهداء والى مأتم حزين بحجم وطن وشعب.

في كل فاجعة ومأساة تكون الإجابة جاهزة: قذيفة الجيش أطلقت على مصدر النيران! في هذه الحالة يصير قتل الأبرياء والعزل واجباً وطنيا، كما ويمكن لعسكري مريض وجاهل ومذعور إقلاق سكينة مدينة أو إرسال صواريخه إلى حيث يشاء ومتى شاء وكيفما شاء؟.

لا أؤيد أيا من المهاجمين أو المدافعين، المليشيات المحاصرة لقوات جيش الاحتلال أو الكتائب الفاتحة المستهترة العابثة غير مستوعبة واجبها ومهمتها القتالية والمهنية والوطنية. في الحالتين الواحد منا ليتساءل عن ماهية الواجب المشرف المزهق لمنايا الأبرياء؟ عن سبب واحد وجيه لهذا العنف الحاصد لأرواح الأطفال والنساء والرجال الذين لا ناقة لهم أو جمل بتحرير واستقلال الجنوب أو بمؤتمر الحوار وفدرلته الثنائية أو الخماسية.

نعم وعلى فرضية أن مكون في الحراك أمتشق سلاحه وأعلنها ثورة كفاح مسلح رغم أنف البيض وناصر والعطاس وباعوم وبن علي وصالح سعيد وسواهم من قادة مكونات الحراك الذين مازالوا يؤكدون ويحذرون من خطورة جرهم لمربع العنف والسلاح؛ فهل مثل هذا الخيار الكفاحي العنيف يستدعي مواجهته إما بالخنوع والاستسلام ولدرجة فقدانه لكبريائه وواجبه إزاء حماية المجتمع والمؤسسات والممتلكات والطرقات، وإما أن يستخدم قوته بطريقة همجية وفوضوية وعلى هذه الشاكلة الموغلة في القتل والتنكيل والترويع للجميع ودونما تفرقة او تمايز بين مسلح محارب وبين طفل وكهل مسالم وآمن في بيته.

لتكن رواية قائد اللواء صحيحة مئة في المائة! فقذيفة الدبابة أو المدفع هدفها مصدر النيران الآتية من سطح مدرسة أو من جوار منزل في حي مأهول؛ فهل في الجريمتين البشعتين المقترفتين بحق أناس عزل آمنين ما يشيء ويثبت بان مطلق النيران هنا كان يؤدي واجبه؟ شخصيا أود إجابة شافية مقنعة ولكن من قادة معروفين بكفاءتهم واحترافهم وخلو سجلهم من الانتهاكات والفظائع.

فوفقا ومعرفتي المتواضعة الجيوش المهنية والمتدربة لا تطلق صواريخها وقذائفها على الأحياء السكنية ولمجرد طلقة كلاشينكوف أو هاون أو حتى وجود عصابة مسلحة أو جماعة إرهاب، فمثل هذا المبرر الذي يدفع للرد وبمختلف الترسانة الحربية وعلى أحياء وأناس ومساكن ومركبات ومستشفيات أعده حجه وبرهانا على إدانة صاحبه أكثر من اعتباره قرينة ودلالة على براءته من جريمة كهذه.

لست هنا بمقام المؤيد لعنف بعض الجماعات المسلحة؛ فموقفي لطالما كان وما زال رافضا لكل أشكال العنف، فسواء كان هذا العنف يرفع شعار ديمومة وحدة وحفظ نظام وكلاهما لم يعد لهما قبولا ووجودا أو أن هذا العنف يحمل على كاهله راية التحرير والاستقلال.

أحدثكم الآن عن جيش نظام قمعي بوليسي همجي لم يرتق قادته وجنوده وضباطه لمصاف المؤسسة العسكرية الحامية للدولة وشعبها ومكاسبها وسيادتها، فهذا الجيش خضع زمنا لأكبر عملية تشويه في التاريخ، الحصيلة بالطبع فساد قادته، هذا الفساد بدوره احدث انحرافا وظيفيا ومهنيا وعمليا في أداء وفاعلية الجيش.

حالة الانفصام بين كونه قوة مملوكة للشعب ومهمته الأساسية حماية هذا الشعب ووطنه بناء ودستور البلاد وبين كونه قوة للبطش والقتل والترهيب والنهب وووإلخ, في واقع الممارسة أعدها نتيجة طبيعية لثنائية الولاء للقادة والحكام الفاسدين، فبدلا من أحادية الولاء للشعب وحماية وطنه ودولته وسيادته ونظامه ومكاسبه باعتبارها جميعا من صميم العقيدة العسكرية المتعارف عليها في جيوش العالم الحرة والقوية رأينا حماة الشعب والوطن يصوبون أسلحتهم لتظاهرات مطلبية في الشارع ولبيوت مسكونة ولمدن وقرى مأهولة وكما وترسانة هذا الجيش مسخرة دوما لخدمة مآرب شخصية نفعية لا علاقة لها بمصالح وطنية ومجتمعية.

المسألة لا تتعلق بضبعان أو مقوله أو غيرهما من القادة الشرهين للنهب والبطش والثراء، بل اعتقد صلتها بثقافة ونمط تفكير وسلوك متجذر في بنيوية مجتمعية جنوبية مغايرة كان يستلزمها تعاطيا من نوع أخر يعلي ويجل ثقافتها المدنية المبجلة للجيش ووظيفته.

فتعامل قادة الجيش مع وضعية مختلفة كونتها حقبة طويلة انصرف فيها الجيش وضباطه وجنوده لمهمتهم الوطنية المتقاطعة كليا مع سياق الحياة الاعتيادية اليومية وبذات الثقافة القديمة المكتسبة بكل تأكيد خلق بيئة مجتمعية ساخطة مقاومة لهذه الهمجية المتوحشة المتصادمة مع ذهن وسلوك ثقافة جمعية راسخة في وجدان الناس وفي نمط حياتهم وتعاملهم.

فهؤلاء القادة المتشبعون بثقافة النهب والضرب والجبروت والاستيلاء قاموا بنشر نقاط التفتيش وترسانة الأسلحة في الطرقات وقمم الهضاب والجبال وفي إخلاء المعسكرات من جنودها وعتادها، وفي نشر الرعب والهلع والهلاك كلما وجدت لذلك سبيلا يمنحها استخدام قوتها وبتلكم الطريقة الهمجية التي احسبها سببا منطقيا لنمو الكراهية والقطيعة بين المواطن العادي والجيش.

نعم لينا وجنينها وطفلتيها الجميلتين ياسمين ويسرا قتلتهم جميعا قذيفة أطلقها الجيش على مسكنهما المتواضع ، وذاك الأب الشاب الطيب سائق الدراجة النارية وإمام مسجد الحي لا اعلم بماذا يمكن مواساته في حال نجاته ؟ هل علي لوم ثلة ثائرة أسيرة حقبة الستينات بكل ما تعني من تواريخ ورجال وأفعال سطرها الرعيل الأول إبان ثورتهم على بريطانيا الإمبراطورية الآفل نجمها أم اكتفي بمحاكمة القائد ضبعان باعتباره المسؤول الأول عن قتل أسرة كاملة؟.

هل علي لوم أولئك المحتمين في الأماكن المأهولة أم اصب جام انفعالي على ضباط وجنود لا يبدو من ردة أفعالهم الهمجية برابط واحترام للجيش والشعب والوظيفة والواجب؟ هل استقلال الجنوب وتقرير مصيره رهن وجود أو مغادرة لواء عسكري من الضالع أم أن نجاح وإخفاق مؤتمر الحوار ومرحلة الانتقال والدولة الاتحادية رهن هذه القرابين والدم والعبث وهذا التفريط والسقوط المريع للقيم والأخلاق والنظام والدولة؟.

هل الجرائم المقترفة اليوم في الضالع أو حضرموت أو عدن أو تعز أو صعده أو صنعاء أو أبين أو غيرها نتاج أخطاء فردية أم أنها نتاج ثقافة متأصلة وراسخة في ذهن وسلوك منظومة شاملة مستأثرة بمقاليد هذه القوة؟, هل المعضلة كامنة بتصرفات ضبعان وجنده أم أنها تتعلق بجيش يوجد فيه مليون ضبعان يعاني من لوثة نيرون المحرقة لمدينته وأًمه وحبيبته؟.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد